لا شاعر ولا كاتب، وكما هنا لأن من لا كتاب له خبر عن الكون وإن كان منفيا، ومثال الحال: جاء زيد لا ضاحكا ولا باكيا، ومثال الصفة:{أنها بقرة لا فارض ولا بكر}{وظل من يحموم لا بارد ولا كريم}{وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة}{من شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية} ومثال الاسم المعرفة: {لا لشمس ينبغي لها أن تدرك الليل ولا الليل سابق النهار} ومثال النكرة التي لم تعمل (لا) فيها نحو {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} ومثال الفعل الماضي {فلا صدق ولا صلى} وفي الحديث:» فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى {وقول الهزلي: كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل. هذه وما أشبهها يجب التكرار فيها، ومثل هذه العبارة - أعني (لا) من (لا كتاب له) - تقع كثيرا للعلماء، ثم يرد عليهم الاعتراض بأنه يجب تكرارها ولم تكرر، فهذا هو المشار إليه بالتسامح، فمن الناس من يتأولها ويمشي على طريق المناطقة ويجعل حرف السلب جزءا من الاسم بعده ويصير الحكم فيها بالعدم، وحمله على ذلك فرارا من عدم تكرارها، وفيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن الأمور اللغوية التي يمكن أن تحمل على محمل لغوي صحيح لا تخرج عن قواعد المناطقة. الثاني: قوله: حال من (مسلما) إن أراد أن لفظ من حال من (مسلما) ففيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن (من) اسم جامد ولا يقبل تأويلا، والحال إما مشتقة أو مؤولة بالمشتق. الثاني: أنه يصير المعنى أن المسلم له حالان، حال كونه يصح ذبحه وحال كونه لا يصح، وهذا باطل. وإن أراد أن الجملة حال من مسلم، ورد عليه أن يصير المعنى أن المسلم له حالان: حال له كتاب وحال لا كتاب له، وهو فاسد وباطل؛ لأن المسلم له كتاب إجماعا، فالصواب أن الجملة حال من الذابح، والمعنى أن الذابح حال كونه لا كتاب له لا تصح ذبيحته، لا يقال أن الذابح وقع مضافا إليه، ولا تجيء الحال من المضاف إليه، قلنا: بل تجيء في ثلاث صور؛ إحداهم أن يكون المضاف يصح عمله في المضاف إليه، نحو {إليه مرجعكم جميعا} فـ (مرجع) مصدر عامل في الكاف، كما أن الكون هنا عامل لأنه مصدر. والثانية أن يكون المضاف مثل جزء ماله أضيف، نحو {أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} لأن الملة ليست جزءا لكنها كجزء إبراهيم للزومها له ولزومه لها. الثالثة: أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه، نحو قوله تعالى {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} فلو حذف (لحم) وقيل: أيحب أحدكم أن يأكل أخاه ميتا؛ لصح الكلام، وهذا هو الفرق بين الجزء وما هو مثل الجزء، فدفع القهستاني التسامح من عدم تكرار (لا) بجعله (لا) جزءا من جزء القضية، وأنها ليست (لا) التي يجب تكرارها، لكنه وقع في المحذورين المذكورين، وقول أبي المكارم في دفعه: إما عطف الخ، لا يصح أما العطف فإن (لا) هنا ليست عاطفة كما يعلم ذلك