للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقف على كلام النحاة، ولا سيما مغني اللبيب، فإنه جعل (لا) هذه مغايرة للعاطفة والنافية للجنس والوحدة والجوابية، وشرط النحاة للعاطفة شروطا، منها: أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر، فلا يجوز: جاءني زيد لا رجل، وعكسه؛ أي: جاءني رجل لا زيد، وكأنه أشار بالتسامح إلى ذلك، وقوله: أو ابتدأ جملته بتقدير الفعل أن يكون الذابح من لا كتاب له، ظن بذلك دفع التسامح، ولا يندفع به لأنه وإن كان مضارعا وهو لا يجب فيه التكرار، كقوله تعالى {لا يحب الله الجهر} مع أنه لا يندفع؛ لأن ما قدره مفرد لأن (يكون) في تأويل المفرد لدخول (أن) الصدرية، وما فر منه وقع فيه لأنه يؤول إلى ما يجب فيه التكرار ويلزمه حذف (يكون) مع اسمها وهو قليل، وإذا علمت ذلك وما فيه من التسامح والنظر علمت أن الصواب ما ذهب إليه بعضهم من أن (لا) هنا بمعنى (غير) صفة لما قبلها، ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها بصورة الحرف، وقول السعد: (لا) هذه يحتمل أنها حرف الخ، لا يرد عليهم لأنه احتمال بعيد جدا ولا ينافي ذلك ما نقل عن المغني لأن محله ودلت عليه مثلهم فيما إذا أريد الإخبار أو الوصف أو الحال لنفي متقابلين، فيجب تكرار (لا) حينئذ لأن عدمه يوجب أن القصد نفي المجموع، كما صرح به السعد في نحو: (لا ذلول) أنها اسم بمعنى (غير) لكونها بصورة الحرف، ظهر إعرابها فيما بعدها، ويحتمل أن تكون حرفا كما تجعل إلا بمعنى غير، كما في قوله تعالى {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} مع أنه لا قائل باسميتها؛ أي الاسم، قال في قول الكشاف: لا الثانية من يده لتأكيد الأولى الثانية حرف لتأكيد النفي والتأكيد لا ينافي الزيادة، على أنه يفيد التصريح بعموم النفي وبدونها يحتمل اللفظ على نفي الاجتماع، ولهذا تسمى (لا) المذكورة للنفي. انتهى. ولم ينظر السعد إلى اعتراض أبي حيان على الزمخشري بقوله ما ملخصه: زعمه التأكيد مع الزيادة ليس بشيء لأن (لا ذلول) صفة منفية بلا، فيجب تكرار (لا) فيه لما دخلت عليه، وتقديره يؤول إلى أن التقدير: لا ذلول مثيرة ولا ساقية، وهو ممتنع كجاءني رجل لا كريم؛ لأن الحق ما ألزم به الزمخشري لا يلزمه؛ إذ الزيادة لأجل تأكيد النفي لئلا يوهم ما مر لا ينافي وجوب التكرير، ولا يوجب أن تقدير الآية ما ذكره، ولا أنه مثل جاءني رجل لا كريم، فتأمله ليظهر لك أن الزيادة والتأكيد هنا غيرهما في نحو {ما منعك أن لا تسجد} بدليل حذفها في} ما منعك أن تسجد {ومن ثم قال ابن جني: (لا) هنا مؤكدة قائمة مقام إعادة الجملة، وفى المغني في نحو: ما جاءني لا زيد ولا عمرو، يسمونها زائدة وليست بزائدة البتة إذ مع حذفها يحتمل نفي مجيء كل منهما على كل حال ونفي اجتماعها في وقت فإذا جيء بها صار نصا في المعنى الأول بخلاف} وما يستوي

<<  <  ج: ص:  >  >>