للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الدارمي (١) وابن عبد البر (٢) وغيرهما بسند حسن أن أبا أمامة الباهلي -رضي الله عنه- سئل عن كتاب العلم فقال: لا بأس به.

وأخرج الدارمي (٣) وغيره بسند رجاله ثقات عن بشير بن نهيك وهو ثقة قال: "كنت أكتب ما أسمع من أبي هريرة، فلما أردت أن أفارقه أتيته بكتابه فقرأته عليه وقلت له: هذا ما سمعت منك؛ قال: نعم".

فالحاصل أن ما روي عن عمر وأبي موسى من الكراهة إنما كان كما صرحا به خشية أن يكب الناس على الكتب ويدَعُوا القرآن، وأما من عاش بعدهما من الصحابة فمنهم أبو سعيد بقي على الامتناع، ومنهم ابن عباس امتنع ورخص، ومنهم من رأى أنه قد زال المانع كما قال عروة الراوي امتناع عمر: "إن كتاب الله قد استمرت مريرته" وقد مَرَّ ذلك ورأوا أن الحاجة إلى الكتابة قد قويت؛ لأن الصحابة قد قلوا وبقاء الأحاديث تتناقل بالسماع والحفظ فقط لا يؤمن معه الخلل فرأوا للنَّاس الكتابة كما مَرَّ عن أبي هريرة وأبي أُمامة وأنس -رضي الله عنهم-.

وأما التابعون فغلبت فيهم الكتابة، إلا أن من كان ذا حافظة نادرة كالشعبي والزهري وقتادة كانوا لا يرون إبقاء الكتب، لكن يكتب ما يسمع ثم يتحفظه فإذا أتقنه محاه.

وأكثرهم كانت كتبه باقية عنده كسعيد بن جبير والحسن البصري وعَبيدة السلماني ومُرَّة الهمداني وأبي قلابة الجرمي وأبي المليح وبشير بن نهيك وأيوب السختياني ومعاوية بن قرة ورجاء بن حيوة وغيرهم (٤).


(١) (١/ ١٣٧) من طريق ابن وهب عن معاوية (وهو ابن صالح) عن الحسن بن جابر قال: سألت أبا أمامة والحسن لم يوثق توثيقا معتبرا.
(٢) (ص ١٢٢) من نفس الطريق.
(٣) (١/ ١٣٨) من طريق معاذ (وهو ابن معاذ البصري) عن عمران بن حدير عن أبي مجلز (وهو لاحق ابن حميد) عن بشير بن نهيك به.
(٤) مقتبس من كتاب "العلم" لابن عبد البر، و"سنن" الدارمي، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>