للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال أبو رية (ص ٢٥): "ولئن كانت هناك بعض أحاديث رويت في الرخصة بكتابة الأحاديث فإن أحاديث النهي أصح، بَلْهَ ما جرى عليه العمل في عهد الصحابة والتابعين".

أقول: قد علمت أنه ليس في النهي غير حديثين؛ أحدهما متفق على ضعفه وهو المروي عن زيد بن ثابت، والثاني مختلف في صحته وهو حديث أبي سعيد، فأما أحاديث الإذن فلو لم يكن منها إلا حديث أبي هريرة في الإذن لعبد الله بن عمرو لكان أصح مما جاء في النهي.

أما الصحابة والتابعون فقد تقدم ويأتي ما فيه كفاية.

ثم نقل أبو رية (ص ٢٥ - ٢٧) عن مجلة المنار كلامًا بدىء فيه بمحاولة الجمع بين حديث النهي وقصة "اكتبوا لأبي شاه" بأن ما أمر بكتابته لأبي شاه من الدين العام وأن النهي كان عن كتابة سائر الأحاديث التي هي من الدين الخاص.

أقول: نظرية "دين عام ودين خاص" مردودة عليه، وقد تقدمت الإشارة إليها (ص ١٥). وحديث الإذن لعبد الله بن عمرو قاطع لشغبه البتة.

قال صاحب المنار: "ولنا أن نستدل على كون النهي هو المتأخر بأمرين: أحدهما: استدلال من روي عنهم من الصحابة الامتناع عن الكتابة ومنعها بالنهي عنها وذلك بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-".

أقول: لم يثبت استدلال أحد منهم بنهي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالمروي عن زيد بن ثابت متفق على ضعفه، وعن أبي سعيد روايتان، إحداهما: فيها الرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر فيها امتناع أبي سعيد، ونحن لم نقل في هذا إنه منسوخ، إنما قلنا: إنه إما خطأ والصواب عن أبي سعيد من قوله، كما قال البخاري وغيرها، وإما محمول على أمر خاص تقدم بيانه. وثانيتهما: رواية أبي نضرة عن أبي سعيد امتناعه هو، وليس فيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>