ترجمة حماد إن شاء الله تعالى، وجمع كتابا تكلف فيه تأويل الأحاديث، وتبعه من الأشعرية ابن فورك في كتابه المطبوع.
ثم اشتهر بين المتكلمين أن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة لا تصلح حجة في صفات الله عز وجل ونحوها من الاعتقاديات، وصرحوا بذلك في كتب الكلام والعقائد كالمواقف وشرحها، والأمر أشد من ذلك كما يأتي في الاعتقادات إن شاء الله تعالى.
والأستاذ يدين بالكلام ويتشدد، ومع هذا كله فغالب أصحاب الرأي وغلاة المقلدين وأكثر المتكلمن لم يُقْدِمُوا على اتهام الرواة الذين وثقهم أهل الحديث، وإنما يحملون على الخطأ والغلط والتأويل، وذلك معروف في كتب أصحاب الرأي والمقلدين، أما الأستاذ فبرز على هؤلاء جميعًا!
وأما كُتَّابُ العصر فإنهم مقتدون بكُتَّاب الإفرنج الذين يتعاطون النظر في الإِسلاميات ونحوها، وهم مع ما في نفوسهم من الهوى والعداء للإسلام إنما يعرفون الدواعي إلى الكذب ولا يعرفون معظم الموانع منه.
فمن الموانع: التدين والخوف من رب العالمين الذي بيده ملكوت الدنيا والآخرة، وقد قال سبحانه:{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} وفي "الصحيح" عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "علامة المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا وعد أخلف".
وإخلاف الوعد أغلب ما يكون إذا كان الوعد كذبا، والخيانة تعمد الكذب كما لا يخفى، وقال أبو بكر الصديق:"الكذب مجانب للإيمان".
فأما توهم حِلِّ الكذب في مصلحة الدين فلا يكون إلا من أجهل الناس وأشدهم غفلة؛ لأنَّ حَظْرَ الكذب مطلقا هو من أظهر الأحكام الشرعية.