للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ردِّه على الأخنائي (ص ١٦٣): "فلا يُعرف من الصحابة من كان يتعمد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان فيهم من له ذنوب لكن هذا الباب مما عصمهم الله فيه".

قد ينفر بعض الناس من لفظ "العصمة" وإنما المقصود أن الله عز وجل وفاءً بما تكفل به من حفظ دينه وشريعته هيأ من الأسباب ما حفظهم به وبتوفيقه سبحانه من أن يتعمد أحد منهم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فإن قيل: فلماذا لم يحفظهم الله تعالى من الخطأ؟ قلت: الخطأ إذا وقع من أحد منهم فإن الله تعالى يهيىء ما يُوقَفُ به عليه, وتبقى الثقة به قائمة في سائر الأحاديث التي حدث بها مما لم يظهر فيه خطأ، فأما تعمد الكذب فإنه إن وقع في حديث واحد لزم منه إهدار الأحاديث التي عند ذاك الرجل كلها، وقد تكون عنده أحاديث ليست عند غيره. راجع (ص ٢٠ - ٢١) (١).

وقال أبو رية (ص ٤٢): "الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته ... " ثم ذكر ما رُوي عن ابن بريدة عن أبيه بريدة بن الحصيب قال: "كان حي من بني ليث على ميلين من المدينة، فجاءهم رجل وعليه حُلة, فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كساني هذه الحلة وأمرني أن أحكم في دمائكم وأموالكم بما أرى - وكان قد خطب منهم امرأة [في الجاهلية] فلم يزوجوه, فانطلق [حتى نزل] على تلك المرأة, فأرسلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال: كذب عدو الله. ثم أرسل رجلا فقال: إن وجدته حيا [ولا أراك تجده] فاضرب عنقه، وإن وجدته ميتا فحرقه بالنار".

أقول: عزاه إلى أحكام ابن حزم (٢)، ومنه أضفت الكلمات المحجوزة, وانظر لماذا أسقطها أبو رية؟! وراويه عن ابن بريدة: صالح بن حيان، وهو ضعيف، له


(١) تجد هذا في الفصل الثالث من الفصول النافعة في السنة من كتابنا هذا فراجعه.
(٢) هو فيه (٢/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>