للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان أحوالهم لِيُعرف من لا يحتج بروايته منهم، فاقتضت الحكمة حسم هذا؛ لقطع العذر عمن يحاول الطعن في أحد منهم.

وقال (١) (ص ٤٣): "الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته ... فإن الكذب قد كثر عليه بعد وفاته ... "

أقول: قد كان كذب، لكن متى؟ وممن؟ لا شأن لنا بدعاوى أبي رية، وإنما ننظر في شواهده (٢):

ذكر قصة بُشير (بالتصغير) بن كعب العدوي مع ابن عباس في مقدمة "صحيح" مسلم وجعلها قصتين وإنما هما روايتان، وبُشير هذا غير بَشِير -بفتح فكسر- بن كعب بن أبي الحميري العامري الذي شهد اليرموك، بل هذا أصغر منه بكثير، وأخطأ من عدهما واحدا، وراجع "الإصابة". هذا عراقي بصري له قصة مع عمران ابن حصين في الحياء تدل أنه كان يقرأ صحف أهل الكتاب، وقصته مع ابن عباس يظهر أنها كانت حوالي سنة ستين، فإن ابن عباس توفي سنة ٦٨ أو بعدها وعاش بشير بعد ابن عباس زمانا.

روى مسلم القصة من طريق طاوس ومجاهد، وحاصلها أن بُشيرا جاء إلى ابن عباس فجعل يحدث -زاد مجاهد: ويقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال طاوس: فقال له ابن عباس: عُد لحديث كذا وكذا، فعادَ له. ثم حدثه فقال له: عد لحديث كذا وكذا. فعادَ له، فقال له: ما أدري أعرفتَ حديثي كله وأنكرتَ هذا، أم أنكرتَ حديثي كله وعرفتَ هذا؟ فقال ابن عباس: إنا كنا نحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذْ لم يكن يُكذَب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه - وفي رواية عن طاوس هي أثبت من الأولى، قال: إنما كنا نحفظ


(١) يعني أبا رية.
(٢) المقصود شواهد أي رية على ما ذكره من كثرة الكذب بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>