تمام البحث ذكره صاحب "البناء على القبور"(ص ٩٣) في صلب الكتاب، بينما ذكره صاحب "عمارة القبور" في الحاشية (ص ٢٤٠) على اعتبار أنه أخذه من النسخة التي اعتمد عليها الأول، والتي كانت مسودة للكتاب. وقد وقع لهما -لا سيما الثاني- تصحيفات وتخليط في أرقام أصحاب المناظرة، فأصلحت ذلك، وزدت أشياء لتميم الفائدة جعلتها بين حاجزين [].
قال المعلمي:
"نقل مسلم في مقدمة "صحيحه" إجماع السلف من أئمة الحديث على الاكتفاء بالمعاصرة في تصحيح المعنعن من غير المدلس، ما لم يقم دليل على نفي اللقاء، وشنَّع على من اشترط ثبوت اللقاء من أهل عصره.
ثم جاء المتأخرون فقالوا: إن الاشتراط قول المحققين، وذكروا منهم البخاري وشيخه ابن المديني.
ولا يخفى أن هذا لا ينافي سَبْقَ الإجماعِ لهما، ومجردُ حسنِ الظن بهما أنهما لا يخرقان الإجماع، وأنهما اطلعا أنه لم يزل في طبقات السلف من يشترط اللقاء: لا يغني شيئًا.
فلو ناظر مسلم البخاري، فقال: أنت وشيخك مسبوقان بالإجماع، لم يفده إلا أن يصرح بالنقل عن بعض السلف من جميع الطبقات في موافقة قوله؛ فأما مجرد إنكار الإجماع فلا يفيد؛ إذ الإجماع من الأمور التي لا يطالب مدعيها بدليل.
أما لو قال البخاري: إنه يلزمك وغيرك حسن الظن بنا، لكان قد أتى بما يضحك منه.
نعم، ذكر السخاوي في "فتح المغيث" (ص ٦٦)[١/ ٢٨٧ طبعة دار المنهاج] عن الحارث المحاسبي ما يُظن خادشًا للإجماع؛ حيث قال: "اختلف أهل العلم .. [فيما