يثبت به الحديث على ثلاثة أقوال: أولها أنه لابد أن يقول كُل عدل في الإسناد: حدثني أو سمعت إلى أن ينتهي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يقولوا أو بعضهم ذلك فلا؛ لما عُرف من روايتهم بالعنعنة فيما لم يسمعوه] ". اهـ.
لكنه لا يصادم نقلَ مسلم؛ لاحتمال أن يكون [يعني المحاسبي] راعَى خلافَ ابن المديني، ومع هذا فإننا لا نقنع لأنفسنا بالتمسك بدعوى الإجماع، كما لا يهولنا دعوى التحقيق في الطرف الآخر، بل نسعى لتحقيق البحث بأدلته الحقيقية على صورة مناظرة؛ مشيرين لمذهب مسلم برقم (١) ومُقابله برقم (٢).
ونستوفي البحث بقدر الجهد، بحسب ما اطلعنا عليه من أدلة الفريقين، وما ظهر لنا أنه قد يستدل به. والله المستعان.
(١) الأصل الثابت في الرواية أن يكون عما شاهده الراوي وأدركه، سواء أعلم السامع لقاء الراوي للمروي عنه أم لا، وعليه فهذا هو الأصل، والظاهر الذي يجب التمسك به حتى يتبين خلافه.
(٢) وما دليلكم على ذلك؟
(١) نذكر أمثلة نوضحه بها:
أ- مصري زار اليمن، ثم عاد فأخذ يخبر عن فلان من علماء صنعاء أنه قال كذا، وعن آخر من علماء زبيد، وثالث من علماء تَعز، والسامعون لا يسمعون بأولئك العلماء، ولم يخبرهم أنه لقيهم، ولا أنهم أحياء.
ب- هندي زار الحجاز، ثم عاد، فأخبر عن فلان من علماء مكة، وفلان من علماء المدينة، وفلان من علماء الطائف، والسامعون كما تقدم.
ج- عالم هندي أخذ يخبر بمثل الذي قبله، مع أن السامعين لا يعلمون أزار الحجاز أم لا؟