عمر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو محمول على السماع، والقائل بخلاف ذلك مغفل انتهى]، إلا أن المدعَّى إنما هو أنه يقتضيه، وليس صريحًا فيه.
وأما قول أبي حاتم في أبي قلابة الجرمي -"فتح"(ص ٦٧) -[يعني فتح المغيث (١/ ٢٨٩)، وهو في الجرح ٥/ ٥٨، والمراسيل ص ١١٠]:"أنه كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم لكنه عاصرهم، كأبي زيد عمرو بن أخطب، وقال مع ذلك: إنه لا يعرف له تدليسًا". اهـ.
فيحمل على الإرسال الجلي، بأن يكون مشهورًا بين الناس أنه لم يلقهم، فلا إيهام، والرواية عن المعاصر إنما تكون تدليسًا إذا وجد الإيهام. [تراجع ترجمة أبي قلابة من القسم الأول من هذا الكتاب رقم (٣٩٦)]
وأما استدلال الحافظ -"فتح"(ص ٧٣) -[يعني فتح المغيث (١/ ٣١٣)، وهو في نزهة النظر ص ٧٢ - ٧٣]: بإطباق أهل العلم بالحديث على أن رواية المخضرمين كأبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قبيل الإرسال، لا من قبيل التدليس، فلو كان مجرد المعاصرة يكتفى به في التدليس؛ لكان هؤلاء مدلسين؛ لأنهم عاصروا النبي -صلى الله عليه وسلم- قطعًا، ولكن لم يعرف هل لقوه أم لا؟ اهـ.
وجوابه: أن الصحبة أمر غير مجمل لا يخفى، فكان معلومًا للتابعين أن هؤلاء ليسوا بصحابة، فلم يكن في إرسالهم إيهام.
وقوله رحمه الله "ولم يعرف لقوه أم لا؟ " فيه نظر. راجع تراجمهم في كتبه.
على أنه لو فرض أنه لم يقم دليل على عدم لقائهم له -صلى الله عليه وسلم-، لالتزمنا أن تكون روايتهم عنه دعوى صحبة لها حكمُها.
ومع هذا كله فالمدَّعَى إنما هو كون هذا القول هو المشهور بين أهل الحديث، فلا ينافيه أن يكون منهم من يخالفه.