للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول:

الجواب: أن راوي هذا الحديث عن محمد بن علي هو يزيد بن أبي زياد القرشي أبو عبد الله الكوفي، قال مسلم نفسُه قبل كلامه السابق في سماع محمد من جده: يزيد ممن قد اتقى حديثَه الناسُ والاحتجاجَ بخبره إذا تفرد؛ (للذي) اعتبروا عليه من سوء الحفظ والمتون (؟) في رواياته التي يرويها.

فالعلة التى ردَّ بها مسلمٌ هذه الرواية هي ضعفُ يزيد هذا؛ لسوء حفظه -وما كان يتلقن في آخر عمره- فلا يحتج بما يتفرد بيع وقد تفرد بهذا الحديث عن محمد بن علي، وجعله مع ذلك: عن جده.

وقول مسلم بعد ذلك: "ومحمد بن علي لا يُعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه" ليس من باب تعدد مواطن العلة فى هذا الحديث، وإنما هو لتقرير نكارة هذا الإسناد، وإلزام يزيد بالوهم فيه؛ بأن محمد بن علي بن عباس لا يُعرف بروايته عن جده، ولا يُعلم له لقاؤه أو رؤيته.

ومن المعلوم أنه لا يُنظر في سماع راوٍ من شيخ له فى إسناد، إلا إذا كان الطريق إلى ذلك الراوي محفوظا حتى يستحق النظر في سماعه من شيخه هذا، فإن لم يكن كذلك، اكتفى الناقد ببيان عدم صحة الإسناد من أصله.

وللنقاد نظرٌ خاصٌّ بمن يُعَلَّلُ به الإسنادُ فَيُحَمِّلُونه تبعةَ الخطأ فيه، وليس من منهجهم (فرز) الإسناد واحدا واحدا، واستخراج ما فيه من العيوب: فهذا ضعيف، وهذا لين، وهذا مدلس وقد عنعن، وهذا اختلط والراوي عنه ممن سمعه بعد الاختلاط، وهذا لم يسمع من شيخه، وهكذا. بل يصيبون كبد الحقيقة -ما أمكن- فيما يُعللون به الحديث، أو يُعِلُّون الحديث ولا يترجح لهم سببٌ خاصٌّ فى ذلك، فيتوقفون عن ذِكره مع جزمهم بالإعلال، ومع وجود عدة أسباب محتملة لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>