للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يذكر أحدٌ من المعتمَدين في باب التراجم -وعلى رأسهم البخاري والرازيان- أن محمد بن علي يروي عن ابن عباس، ومن المعلوم أن أصحاب التواريخ وكتب التراجم يَذكرون أعلى مَن روى عنهم المترجَم له، فلو أن لمحمد بن علي رواية عن ابن عباس لقدموها على روايته عن أبيه. وهذا لا ينفي وجود روايته عن ابن عباس في بعض الأسانيد التي لا يرونها محفوظةً، فلم يعولوا عليها.

أما ابن حبان، فمع اعتماده على البخاري في سوق تراجمه في الغالب، إلا أنه أحيانا يعتمد على ما يقع له في بعض الأسانيد، فيذكر الراوي في طبقة - بل وطبقتين، بناء على ما وقع له من ذلك، وعليه في بعض ذلك اعتراضات ومؤاخذات.

والحافظ ابن حجر مع قوله في "تهذيب التهذيب": "ذكره ابن حبان فى طبقة التابعين من الثقات" إلا أنه لم يُقم لذلك وزنا، فقال في "التقريب": "من السادسة، لم يثبت سماعه من جده، مات سنة أربع -أو خمس- وعشرين يعني ومائة". والطبقة السادسة كما بيَّنها في مقدمة "التقريب" هي: طبقة من عاصروا صغار التابعين، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.

فصنيع ابن حبان خطأ وشذوذ بلا شك.

وما قدَّمته من عدم اعتداد الأئمة برواية محمد بن علي عن ابن عباس، فلم يذكروها في ترجمته، وقولُ مسلم السابق في كتاب "التمييز": "لا يُعلم له سماعٌ من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه" قاضٍ على تلك الرواية بالشذوذ، ولو ثبتت فهي منقطعة حتما، ولا عبرة حينئذ بميل أحدٍ إلى صحة ذلك السماع بناء على مقدمات واهية في مقابل تصرفات الأئمة.

وفَهْمُ العوني لجواب ابن القطان: بأن سبب الشك في سماع محمد بن علي من جده ابن عباس أنه أدخل بينه وبينه واسطة في بعض حديثه عنه: خطأ؛ لأسباب:

<<  <  ج: ص:  >  >>