للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس لكل واحد من النقاد طريقة مطردة في ذلك، بل لكل حالة نظر خاص، فمن ترجح له من الأئمة لقاءُ راوٍ لشيخٍ أو سماعُه منه بقرائن معتبرة، بَنى على هذا الرجحان ميلَه إلى تقوية الاتصال، ومن لم يترجح له ذلك منهم بَنى على الأصل في نفيه أو على الأقل توقفه فيه.

الثانية: قد تكون تلك القرائن عند الإمام أقوى من مجرد مجيء التصريح باللقاء أو السماع في رواية، صحَّت أم لم تصح، ومن المعلوم أن هذا النظر خاص بأئمة النقد لتوفر الملكات والأدوات اللازمة لهذا، فإن كانوا مع ذلك ربما اختلفوا في بعض الحالات، كان ذلك أَدْعَى لاحتياط مَن بعدهم، والتأني في الخوض في ذلك.

الثالثة: ميل الإمام إلى تقوية أو ثبوت اللقاء أو السماع للقرائن التي يراها ليس هو من باب الاكتفاء بمطلق المعاصرة في ثبوت الاتصال، وإلا لاستفاض ذلك وانتشر، وإذا عُرفت نسبة تلك الحالات إلى نسبة ما نُفي فيه اللقاء مع ظهور تحقق المعاصرة أو ما نُفي فيه السماع مع تحقق اللقاء: عُلم أن ما ذكره العوني عن أمثال ابن المديني، وأحمد، وابن معين، وأبي حاتم، وأبي زرعة، وغيرهم هو من قبيل النادر الذي احتفت به قرائن لم تتوفر لغيره عند القائل به، ومع ذلك فقد عبَّرُوا عن ذلك بعباراتٍ احتمالية يظهر فيها الميلُ دون الجزم، وكذلك فإنهم لم يتفقوا عليه، بل لم يقنع آخرون بتلك القرائن، فنفوا اللقاء أو السماع.

بهذا يتبين وهاءُ الاحتجاج بتلك المواضع التي تحيطها قرائن وملابسات ليس هذا موطن شرحها، والله تعالى الموفق.

ص (١٤٤).

الدليل الرابع عشر:

كتاب العوني: "المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس" يحتاج إلى وَقْفة، ليس هذا موضعها، لكني أقول هنا:

<<  <  ج: ص:  >  >>