للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان مروان الفزاري ليس بالمحل الذي يحتمل أو يقبل منه التفرد عن أبي حيان التيمي بمثل هذا، فَحَمَلَ أبو حاتم هذا اللفظ - الشاذ: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمَّى الأنثى من الخيل الفرس" على أن مروان أخطأ في الحديث المشهور عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة، فصحَّف: "فرس يحمله على رقبته" إلى: "يحملها على رقبته"، ثم لما صحَّف وجعل ضمير التذكير: مؤنثًا، ذكره بَعْدُ مختصرًا بحسب مقتضى التصحيف الذي وقع فيه، وهذا أمرٌ دقيقٌ، وعلّةٌ خفيةٌ، يجرُّ إليها مقدماتٌ وقرائن يعرفها إمام من أئمة النقد كأبي حاتم.

فانظر إلى مثل هذا النقد، وهذه النظرة الثاقبة، وقارن ذلك بمثل تصحيح ابن حبان والحاكم لحديث مروان، وزَعْم الأخير أنه على شرط الشيخين، وجعل السيوطي في "الجامع الصغير" (١/ ٣١٥) والمناوي في "فيض القدير" (٥/ ٢٢٠) الحديث دليلًا على فصاحة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ سمَّى الأنثى فرسًا بغير هاء، ولم يقل فرسة؛ لأنه لم يُسمع من كلامهم، والحديث إذا كان خطأ، لم يصلح للاستدلال، والله تعالى الموفق.

٣ - قال ابن أبي حاتم (١٠٧):

"سمعت أبي وذكر حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح".

قال أبي: هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث فقال: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح".

ورواه أصحاب سهيل، عن أبيه عن أبي هُرَيرَة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحًا من نفسه فلا يخرجن حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا". اهـ.

قلت:

من أصحاب سهيل هؤلاء: جرير بن عبد الحميد عند مسلم (٣٦٢)، وحماد بن سلمة عند أبي داود (١٧٧) وعبد العزيز بن المختار عند الترمذي (٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>