وحديث شعبة أخرجه الترمذي أيضًا (٧٤) وابن ماجه (٥١٥).
وقضية الاختصار في هذا الحديث أن في حديث الجماعة عن سهيل ما ينقض الوضوء لمن هو فى داخل الصلاة، فلا يجب عليه الانصراف من الصلاة إذا أَحَسَّ بحركةٍ في بطنه إلا إذا تيقن الحَدَث؛ كسماع صوتِ ما يخرج منه أو يجد ريح ذلك. هذا هو مقتضى الاستثناء الوارد في حديث الجماعة.
لكنَّ شعبةَ لما اختصر الحديث جعله استثناء عامًّا في كل حال، فصار مقتضى ذلك الاختصار أن الوضوء لا ينتقض إلا من صوت أو ريح، سواء كان ذلك داخل الصلاة أو خارجها، وهذا اقتضاء فاسد.
وممن فطن لهذه العلة، وشرحها شرحًا وافيًا، مبينًا فسادَ ما يقتضيه ذلك الاختصار المشار إليه: ابن خزيمة في "صحيحه".
قال ابن خزيمة (١/ ١٨):
باب: ذكر خبر روي مختصرًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَوْهَمَ عالمًا ممن لم يُميِّز بين الخبر المختصر والخبر المتقصى أن الوضوء لا يجب إلا من الحدث الذي له صوت أو رائحة.
ثم ساق حديث شعبة هذا.
ثم قال: باب ذكر الخبر المتقصي للّفظة المختصرة التي ذكرتها، والدليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أعلَم أن لا وضوء إلا من صوت أو ريح عن مسألةٍ سُئل عنها في الرجل يُخيل إليه أنه قد خرج منه ريح، فيشك في خروج الريح.
وكانت هذه المقالة عنه -صلى الله عليه وسلم-: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" جوابًا عما عنه سُئل فقط، لا ابتداء كلام، مسقطا بهذه المسالة إيجاب الوضوء من غير الريح التي لها صوت أو رائحة؛ إذ لو كان هذا القول منه -صلى الله عليه وسلم- ابتداء من غير أن تتقدمه مسألة، كانت هذه المقالة تنفي إيجاب الوضوء من البول والنوم والمذي؛ إذ قد يكون البول لا صوت له ولا ريح، وكذلك النوم والمذي لا صوت لهما ولا ريح، وكذلك الودي.