الوليد بقضيبه على السرير: فمن؟ فمن؟ حتى ردد ذلك مرارا، قال الزهري: لكن عبد الله بن أُبي.
وفي جواب سليمان لهشام لطيفة، حيث لم يقل:"أمير المؤمنين أعلم" ويسكت، بل قال:"أعلم بما يقول"، أي: أعلم بقول نفسه، لا أعلم بحقيقة الحال، ولكن المقام لم يكن لتغني فيه مثل هذه الإشارة، فلذلك قيَّضَ الله تعالى الزهري ووفقه، فقال ما قال.
وقوله لهشام -وهو الملك- "لا أبا لك" جرأة عظيمة.
* * *
وكانوا من الورع وعدم المحاباة على جانب عظيم، حتى قال زيد بن أبي أنيسة: أخي يحيى يكذب.
وسئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس، فقال: قد سمع من هشام بن عروة، ولكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه.
وروى علي بن المديني عن أبيه، ثم قال:"وفي حديث الشيخ ما فيه".
وقال أبو داود: ابني عبد الله كذاب.
وكان الإمام أبو بكر الصبغي ينهى عن السماع من أخيه محمد بن إسحاق.
حفظ علماء السلف لتراجم الرجال:
كان الرجل لا يُسَمَّى عالما حتى يكون عارفا بأحوال رجال الحديث.
ففي "تدريب الراوي": قال الرافعي وغيره: إذا أُوصي للعلماء، لم يدخل الذين يسمعون الحديث، ولا علم لهم بطرقه، ولا بأسماء الرواة ...
وقال الزركشي: أما الفقهاء، فاسم المحدث عندهم لا يطلق إلا على من حفظ متن الحديث، وعلم عدالة رواته وجرحها ...