للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَمِّ الشيخَ، ثقةً بأنه لن يلتبس عليه، ثم غفل عن ذاك الكتاب مدةً، ثم نظر فيه فظن أن تلك الأحاديث كلها مما سمعه من الحارث.

وقد وَثَّقَ الأئمةُ جماعةً من الرواة، ومع ذلك ضعفوهم فيما يروونه عن شيوخٍ معينين، منهم: عبد الكريم الجزري فيما يرويه عن عطاء، ومنهم: عثمان بن غياث، وعمرو بن أبي عمرو، وداود بن الحصين فيما يروونه عن عكرمة، ومنهم: عمرو بن أبي سلمة فيما يرويه عن زهير بن محمد، ومنهم: هشيم فيما يرويه عن الزهري، ومنهم: ورقاء فيما يرويه عن منصور بن المعتمر، ومنهم: الوليد بن مسلم فيما يرويه عن مالك.

فهكذا ينبغي مع توثيق ابن زنبور تضعيفه فيما يرويه عن الحارث بن عمير.

فإن قيل: فأين أنت عما في "الميزان": "ابن حبان ثنا الحسن بن سفيان ثنا محمود بن غيلان أنبأنا أبو أسامة ثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال العباس: لأعلمنَّ ما بقاءُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فينا، فأتاه، فقال: يا رسول الله، لو اتخذنا لك مكانًا تكلم الناس منه، قال: بل أصبر عليهم، ينازعوني ردائي، ويطأون عقبي، ويصيبني غبارهم، حتى يكون الله هو يريحني منهم".

رواه حماد بن زيد عن أيوب، فأرسله، أو أن ابن عباس قاله - شك".

فهذا الحديث لا شأن لابن زنبور فيه، وليس في سنده من يتجه الحمل عليه غير الحارث.

قلت: ليس في هذا الحديث ما يُنكر، وقد رواه حماد بن زيد، غير أنه شك في إسناده، وقد قال يعقوب بن شيبة: "حماد بن زيد أثبت من ابن سلمة، وكُلٌّ ثقةٌ، غير أن ابن زيد معروفٌ بأنه يقصر في الأسانيد ويوقف المرفوع، كثيرُ الشك بتوقيه، وكان جليلًا، لم يكن له كتاب يرجع إليه، فكان أحيانًا يذكر فيرفع الحديث، وأحيانًا يهاب الحديث ولا يرفعه"، فأي مانع من أن يكون هذا مما قصر فيه حماد، حفظه الحارث، وقد كان حماد نفسه يثني على الحارث ويقدمه كما مَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>