للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الترمذي في "اللباس" من "جامعه" (١): "ثقة حافظ" وصحح عدة من أحاديثه، وأخرج له في "المسح على الخفين" (٢) حديثه عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح على الخفين على ظاهرهما". ثم قال: "حديث المغيرة حديث "حسن صحيح" (٣) وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد .. ولا نعلم أحدًا يذكر عن عروة عن المغيرة "على ظاهرهما" - غيره (٤) ... قال محمد -يعني البخاري- وكان مالك يشير (٥) بعبد الرحمن بن أبي الزناد".

فإذا تدبرنا ما تقدم تبين لنا أن لابن أبي الزناد أحوالًا:

الأولى: حاله فيما يرويه عن هشام بن عروة، قال ابن معين إنه أثبت الناس فيه، فهو في هذه الحال في الدرجة العليا من الثقة.

الثانية: حاله فيما يرويه عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة ذكر الساجي عن ابن معين أنه حجة (٦). وهذا قريب من الأول. وظاهر الإطلاق أنه سواء في هاتين الحالين: ما حدث به بالمدينة وما حدث به ببغداد، وهذا ممكن بأن يكون أتقن ما


(١) (٤/ ٢٣٤).
(٢) ح (٩٨).
وقد قال عمرو بن علي الفلاس: كان يحيي وعبد الرحمن لا يحدثان عنه "ضعفاء العقيلي" (٢/ ٣٤٠) وقال النسائي: ضعيف، "ضعفاؤه" (ت ٣٦٧).
وقال في موضع آخر: لا يحتج بحديثه (المزي: ١٧/ ١٠١).
(٣) في النسختين: السليمانية بتركيا، والوطنية بباريس من "الجامع": "حسن" فقط.
(٤) ذكر الترمذي في "العلل المفرد": أن جماعة ممن تكلم فيهم من قِبَل حفظهم -منهم ابن أبي الزناد- إذا انفرد واحد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به. اهـ. فالذي ينبغي تطبيق هذا هنا.
(٥) حمل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "حاشية الجامع" هذه العبارة على الضعف، وهو حملٌ بعيدٌ تنفيه القرائن. والله تعالى أعلم. ولم توجد هذه العبارة في بعض نسخ "الجامع" كالنسختين المشار إليهما آنفًا.
(٦) لكن في هذا النقل انقطاع بين الساجي وابن معين، وقد نبه الشيخ المعلمي على مثل هذا الانقطاع في غير موضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>