للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وعلى تسليم أن شعبة أراد بها القذف، فلم يُبيِّنْ لفظ أبي الزبير، فيحتمل أنه قال كلمة يراها شعبة قذفًا، وغيره لا يوافقه، ولهذا قال الفقهاء: إذا قال الشاهد: أشهد أنّ فلانًا قذف فلانًا، لم يقبل حتى يفسر.

ولا يرِدُ على هذا قولُ شعبة: أتفتري .. الخ، وسكوتُ أبي الزبير عن نفي ذلك؛ لأن شعبة قد يكون إنما قال له: "أتقول هذا لرجل مسلم" ثم أخبر شعبة عن ذلك بالمعنى على رأيه. أو يكون أبو الزبير ترك نفي ذلك؛ لأنه على كل حال قد أخطأ، فرأى الأول الاعتذار بأنها كلمة جرتْ على لسانه لشدة الغضب، وهذا عذرٌ صحيح، كما يأتي إن شاء الله.


= ومكحول لم يدرك أُبي بن كعب.
وللحديث إسناد آخر، رواه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (٥/ ١٣٣) قال: ثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ثنا سفيان عن عاصم عن أبي عثمان عن أُبي -رضي الله عنه-: "أن رجلا اعتزى فأعضه أبي بهن أبيه، فقالوا: ما كنت فحاشًا. قال: إنا أمرنا بذلك" شيخ عبد الله بن أحمد هو أبو بكر البصري، ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٣/ ١٢٧) وذكر روايته عن سفيان بن عيينة، ورواية عبد الله بن أحمد عنه.
وليس هو: محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رَوَّاد العتكي مولاهم، أبو جعفر البصري, المترجم في "تهذيب الكمال" (٢٦/ ٢٠٨) كما توهَّمَهُ الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١ / ص ٤٧٧)؛ فإن أبا بكر نُسب باهليًا، وليس كذلك أبو جعفر، وذكر الخطيب رواية أبي بكر عن ابن عيينة وليس كذلك أبو جعفر، واتفقا في أنهما بصريان، ويروي عنهما عبد الله بن أحمد.
وصاحبنا في الإسناد قد رَوى عنه جماعة، وأسند الخطيب إلى ابن عقدة قوله: سمعت عبد الرحمن ابن يوسف (وهو ابن خراش) يقول: كان ثقة.
وفي الاحتجاج بما يرويه ابن عقدة في الجرح والتعديل نظر، كما قاله الخطيب وغيره.
وقد ذكر الخطيب في ترجمة الباهلي هذا حديثًا من روايته عن ابن عيينة، ثم قال الخطيب: يقال لم يروه عن سفيان بن عيينة إلا محمد بن عمرو الباهلي.
أقول: والظاهر أيضا أنه لم يرو حديثنا عن ابن عيينة إلا هو، وابن عيينة له أصحاب متوافرون ومنهم جملة من الأئمة المبرزين، فأين كانوا مما يتفرد به هذا البصري عن ابن عيينة.
ولم يثبت في حقه توثيق معتبر، فضلا عن أن يكون من الحفاظ الذين يعتمد على تفردهم بمثل هذا.
فالإسناد غريب من جهة هذا التفرد، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>