للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وعلى تسليم أنه قذفٌ صريحٌ، فقد يكون أبو الزبير مطلعًا على أن ذلك هو الواقع، وسكت عن ذكر ذلك لشعبة؛ لأنه على كل حال مما لا يليق، وإنما جرى أولًا على لسانه لشدة الغضب.

ويستأنس لهذه الوجوه: بأنه لو كان القذف صريحًا، والمقذوف بريئًا، لذهب فشكاه إلى الوالي، والحدود يومئذ قائمة.

٤ - وعلى كل حال فقد أجاب أبو الزبير عن نفسه بقوله: "إنه أغضبني". أي: فلشدة الغضب جرت على لسانه -وهو لا يشعر- كلمة مما اعتاد الناس النطق به.

وقد جاء في الحديث: "لا طلاق في إغلاق" (١) وفُسِّر الإغلاق: بشدة الغضب، وقال الله سبحانه: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (٢).

وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٣).

وفي حديث مسلم عن أنس مرفوعًا: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم .. ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" (٤).

٥ - قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة ابن المديني: "ثم ما كُلُّ من فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصومًا من الخطايا والخطأ".


(١) في أسانيده كلام.
(٢) المائدة - آية رقم: (٨٩).
(٣) الأحزاب - آية رقم: (٥).
(٤) (٤ / ص ٢١٠٤ - ٢١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>