للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . .


= وروى الخطيب بسنده إلى محمد بن على بن حمزة المروزي قال: "سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث، قال: ليس له أصل. قلت: فنعيم بن حماد؟ قال: نعيم ثقة قلت: كيف يحدث ثقة بباطل؟ قال: شُبِّهَ له". "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
ثالثًا: قال الخطيب: حدثني محمد بن على الصوري قال: قال لي عبد الغني بن سعيد الحافظ - وذكر حديث عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير .. من حديث نعيم بن حماد، ومن حديث أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه, ومن حديث محمد بن سلام المنبجي، جميعًا عن عيسى - فقال: كل من حدث به عن عيسى بن يونس غير نعيم بن حماد فإنما أخذه من نعيم، وبهذا الحديث سقط نعيم بن حماد عند كثير من أهل العلم بالحديث، إلا أن يحيى بن معين لم يكن ينسبه بلى الكذب، بل كان ينسبه إلى الوهم، فأما حديث ابن وهب فبليته من ابن أخيه, لا منه لأن الله قد رفعه عن ادعاء مثل هذا، ولأن حمزة بن محمد حدثني عن عليك الرازي أنه رأى هذا الحديث ملحقًا بخط طري في قنداق من قنادق ابن وهب لما أخرجه إليه بَحْشَل بن أخي ابن وهب، وأما محمد بن سلام فليس بحجة اهـ "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣١٠ - ٣١١).
رابعًا: قال ابن عدي في ترجمة نعيم من "الكامل" (٧/ ٢٤٨٣): "وهذا الحديث كان يُعرف بنعيم ابن حماد بهذا الإسناد، حتى رواه: عبد الوهاب بن الضحاك، وسويد الأنباري، وشيخ خراساني يقال له: أبو صالح الخراساني، عن عيسى بن يونس".
وقال ابن عدي في ترجمة أحمد بن عبد الرحمن بن وهب (١/ ١٨٩): "هذا حديث رواه نعيم بن حماد عن عيسى، والحديث له، وأنكروه عليه وسرقه منه جماعة, منهم: عبد الوهاب بن الضحاك، وسويد بن سعيد، وأبو صالح الخراساني، والحكم بن المبارك، وأنكروه على أبي عبيد الله أيضًا -وهو ابن أخي ابن وهب- عن عمه عن عيسى". اهـ.
قال أبو أنس: قد أبان دُحَيْم علة هذا الحديث، فإذا هو قد انقلب اسنادُه على نعيم بن حماد ودخل له حديث في حديث، فإن الثابت إنما هو الحديث الذي يخبر عن افتراق اليهود والنصارى على إحدى وسبعين فرقض وأن هذه الأمة تفترق على ثلاث وسبعن.
أما هذا القَدْر الذي زاده نعيم وهو "أعظمها فرقة: قوم يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال، ويحللون الحرام" فإنما تَوَهَّمَهَا نعيم -وكان شديدًا على أهل الرأى والقياس- من حديث صفوان ابن عمرو بسنده إلى معاوية بن أبي سفيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بلفظ " .. ويخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه .. " فَحَمَل نعيم أصحاب تلك الأهواء على أن المقصود بهم: أهل الرأي، فرواه هكذا، فمنهم من اتهمه بذلك، ومنهم من اعتذر له كابن معين وغيره بأنه قد شُبِّهَ له، يعني تَوَهَّمَ أنه سمع الحديث هكذا.
وقد يسمع الإنسانُ الشىءَ بلفظٍ فيقع في نفسه -مما يوافق هواه- معنى غير الذي سمع، فإذا أراد أن يرويه سبق المعنى الذي وقع في نفسه دون الذي سمع، وهذا أحد الأسباب المؤدية إلى دخول الوهم في الرواية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>