للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرقي موثق إلا أنه نُسب إلى الاختلاط بأخرة، لكن ذكر ابن حبان أن اختلاطه لم يكن فاحشًا، وراوي هذا الحديث عنه ثقة (١)، وهو الذي أخبر بأنه اختلط، فقد يقال: لو علم أنه اختلط اختلاطًا شديدًا وكان إنما سمع منه هذا الحديث عند اختلاطه، لكان الظاهر أن لا يرويه عنه إلا مقرونًا ببيان أنه إنما سمعه منه بعد الاختلاط (٢).

والخواستي وثقه ابن حبان وابن مندة وابن السمعاني (٣)، وقال ابن عدي في ترجمة سويد: "يقال إنه لا بأس به" لكنه عدّه عند ذكر هذا الحديث في ترجمة أحمد بن عبد الرحمن بن وهب فيمن سرق هذا الحديث من نعيم. وذكر الذهبي في "الميزان" متابعة هؤلاء الثلاثة لنعيم ثم قال: "قلت هؤلاء الأربعة لا يجوز في العادة أن يتفقوا على باطل، فإن كان خطأ، فمن عيسى بن يونس" (٤) والله أعلم.


= قال ابن عدي: وهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد ورواه عن عيسى بن يونس، فتكلم الناس فيه بجرَّاه. ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له: الحكم بن المبارك يكنى أبا صالح الخواشتي، يقال إنه لا بأس به, ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث منهم: عبد الوهاب بن الضحاك، والنفر بن طاهر، وثالثهم سويد الأنباري. اهـ.
قال أبو أنس: فالظاهر أن سويدًا قد لُقِّنَ هذا الحديث، ثم ثبت عليه بعد ذلك متوهمًا أنه سمعه، ولم يَعْتَدَّ الأئمة بثباته هذا، كما سبق.
(١) هو هلال بن العلاء الرقي، وانما قال أبو حاتم: "صدوق"، وقال النسائي: "صالح"، وفي موضع آخر: "ليس به بأس، روى أحاديث منكرة عن أبيه، فلا أدري الريب منه أو من أبيه". وذكره ابن حبان في "الثقات".
(٢) هذا شأن المتثبتين من الأئمة، بل كانوا يمتنعون من الأخذ عمن اختلط أصلًا، فضلًا عن أن يرووا عنه مع بيان حاله، لكن ليس هذا مطردًا عند غيرهم.
واحتمال سماع هلال بن العلاء للحديث من عبد الله بن جعفر حال سلامته من الاختلاط من أجل أنه هو الذي أخبر باختلاطه، لا ينهض في دفع حكم النقاد بتفرد نعيم بن حماد بهذا الحديث عن عيسى بن يونس، وإنما غيرُه أخذه منه: إما تدليسًا، وإما سرقة، أو تلقينًا، أو غير ذلك، والله تعالى أعلم.
(٣) راجع ترجمة الخواستى هذا -وهو الحكم بن المبارك- من هذا الكتاب.
(٤) سبق الجواب عن الاعتداد بموافقة هؤلاء لنعيم بن حماد من كلام الأئمة، فارجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>