دولة «البرنو» الإسلامية من الشرق، ودولة «مالى» ثم دولة «صنغى»
الإسلامية من الغرب.
وقد اشتهر الهوسويون بالمهارة فى الزراعة والصناعة والتجارة،
وقد استغلوا موقع بلادهم المتوسط بين «السودان الغربى»
و «السودان الشرقى» فى الاشتغال بالتجارة، ولذلك مهروا فى هذه
الحرفة، وكانوا من أكثر التجار مغامرة، وكانت قوافلهم تخترق
الصحراء الكبرى ثلاثة أشهر من كل عام؛ لتزوِّد «طرابلس»، و «تونس»
وغيرهما من بلدان شمال إفريقيا بمنتجات بلاد «السودان» من ذهب
وعاج ورقيق.
كما اخترقت قوافلهم مناطق الغابات فى الجنوب؛ حيث وصل نشاطهم
التجارى إلى «نوب»، واتجهوا شرقًا إلى «برنو»؛ حيث فتحوا طريقًا
للتجارة عام (٨٥٦هـ= ١٤٥٢م)، وتوغَّلوا فى الجنوب حتى حوض
«فولتا» الأوسط.
وقد أصبحت طرق التجارة الخارجية، وخاصة التى تخرج من بلاد
«الهوسا»، متجهة شمالا إلى «أهير» وتتصل عندها بالطرق
الرئيسية المتجهة إلى «غات» و «غدامس» و «فزَّان» و «تكدا» و «برنو»
مفتوحة ومستعملة بطريقة كافية ومنظمة، وأصبحت مألوفة جدا
للمسافرين والتجار؛ مما شجَّع العلماء والباحثين على زيارة بلاد
«الهوسا» بكل سهولة وارتياح، كما شجَّع التجار المغامرين على
ارتيادها.
وقد أدَّى هذا كله إلى انتشار الإسلام، ونموِّ الحركة الفكرية، وازدياد
تأثير الثقافة العربية الإسلامية، وسيطرة تجار «الهوسا» على
النشاط التجارى فى جميع أنحاء «السودان الأوسط»، وتضخمت
جالياتهم فى كل المراكز التجارية المهمة، وأصبحت لغتهم لغة
التخاطب العامة فى الأسواق والمعاملات المالية والتجارية، وازدادت
سيطرتهم على التجارة فى بلاد «السودان» بعد انهيار سلطنة
«صنغى» الإسلامية أمام الغزو «المرَّاكُشى» سنة (١٠٠٠هـ =
١٥٩١م)، مما أدَّى إلى تحول المجرَى الرئيسى للحركة التجارية إلى
بلاد «الهوسا»، وقفزت «كانو» و «كاتسينا» بصفة خاصة إلى مكان
الصدارة والشهرة باعتبارهما مركزين مهمين من مراكز التجارة