وقد كان للتجار - أيضًا - دور كبير فى نشر الإسلام فى هذه
الإمارات، بل كان لهم الدور الأول فى معرفة هذه الإمارات بالإسلام،
كما أدَّى انتشار الإسلام إلى ازدهار التجارة ازدهارًا كبيرًا، بسبب
كثرة احتكاك هذه الإمارات بالمدن المجاورة لها.
وعلى أية حال فقد كان لجهود العلماء والتجار القادمين إلى بلاد
«الهوسا» والمحليين أثرها الكبير فى نشر الإسلام فى هذه البلاد
منذ القرن الثانى عشر الميلادى، وأصبحت «كانو»، و «كاتسينا»،
و «زاريا» وغيرها من بلاد «الهوسا» مراكز إسلامية فى هذه البقاع
من القارة، وتألَّقت فيها الثقافة الإسلامية، وكان لها فضل كبير فى
نشر الثقافة الإسلامية بين سكانها وغيرهم من البلاد المجاورة،
فإمارة «كانو» يرجع إليها الفضل فى نشر الإسلام شرقًا حتى حدود
«برنو»، وإمارة «زاريا» يرجع إليها الفضل فى نشر الإسلام فى
أواسط بلاد «الهوسا»، وجنوبيها فى حوض «نهر فولتا»، وكان
علماء «تمبكت» - التى تقع على نهر «النيجر» - يرحلون إلى هذه
الإمارات، كذلك رحل إليها علماء من «مصر»، من أبرزهم الإمام «جلال
الدين السيوطى» المتوفى سنة (٩١١هـ = ١٥٠٥م) والذى نشأت بينه
وبين أمير «كاتسينا» علاقة طيبة، وهناك ما يدل على أن الإمام
«السيوطى» رحل إلى هذه الإمارة وعاش فيها زمنًا، يعلِّم الناس
ويفتيهم، وعاد إلى «مصر» سنة (٨٧٦هـ = ١٤٧١م)، واتصلت
المراسلات بينه وبين علماء هذه البلاد، كما اتصلت بينهم وبين علماء
«مصر» وبلاد «الحجاز» وغيرهما، مما يدل على التواصل الإسلامى،
وعلى صلة بلاد «الهوسا» بالعالم الإسلامى سواء فى إفريقيا، أو
فى غيرها من القارات.