وفى غمرة هذا الصراع الدموى اتفقت كلمة المسلمين بين عامى
(١٣٣٢ و ١٣٣٨م) على الاستنجاد بدولة المماليك فى «مصر»، وذلك
بإرسال سفارة إلى سلطان «مصر» «الناصر محمد بن قلاوون» برئاسة
«عبدالله الزيلعى» ليتدخل السلطان فى الأمر لحماية المسلمين فى
بلاد «الزيلع». فطلب «الناصر محمد» من بطرك الإسكندرية أن يكتب
رسالة إلى ملك الحبشة فى هذا الصدد. غير أن ملك الحبشة لم يكفَّ
عن مهاجمة المسلمين الذين لم يتوانوا في انتهاز الفرص للثأر منه.
وتحالفت إمارتا «مورا» و «عدل» مع بعض القبائل البدوية وأخذوا
يشنون حربًا أشبه بحرب العصابات، وأخذ ملك الحبشة فى مطاردتهم
وتقدم فى أراضى «مورا» الإسلامية، حتى وصل إلى مدينة «عَدَل»
وقبض على سلطانها وذبحه، فتقدم أولاد السلطان الثلاثة إلى ملك
الحبشة مظهرين الخضوع.
وفى تلك الأثناء انتاب إمارة «أوفات» بعض الفتن الداخلية بسبب
النزاع على العرش بين أفراد الأسرة الحاكمة، وانتهى النزاع بانفراد
«حق الدين الثانى» وإعلان استقلاله عن الحبشة، واستطاع أن
يهزمها ويردها عن إمارته فترة طويلة حتى هُزم ومات عام (٧٨٨هـ =
١٣٨٦م)، والتف المسلمون للمرة الأخيرة حول خليفته وأخيه «سعد
الدين»، واستأنفوا حركة الجهاد ودحروا الأحباش، وتوغلوا فى أرض
«أمهرة» (مملكة النجاشى) لكن «سعد الدين» هُزم فى معارك تالية،
واضطر إلى الفرار إلى جزيرة «زيلع» حيث حوصر وقتل عام (٨٠٥هـ
= ١٤٠٢م) نتيجة لخيانة رجل دلَّهم على مكمنه.
ويعتبر احتلال الأحباش لزيلع بمثابة إسدال الستار على سلطنة أوفات
التى احتلها الأحباش نهائيا، ولم يعد يسمع بها أحد، وانتهى دورها
فى الجهاد، وتفرق أولاد «سعد الدين» العشرة مع أكبرهم «صبر
الدين الثانى»، وهاجروا إلى شبه الجزيرة العربية حيث نزلوا فى
جوار ملك اليمن «الناصر أحمد بن الأشرف» الذى أجارهم وجهزهم
لاستئناف الجهاد ضد الحبشة، فعادوا إلى إفريقيا حيث انضم إليهم