عليه ربما رغبة فى النفوذ والسلطان الذى حرموا منه فاغتالوه فى
عام (٨٣٦هـ = ١٤٣٢م)، فتولى الحكم بعده أخوه السلطان «شهاب
الدين أحمد بدلاى» الذى عاقب القتلة وحارب الأحباش واسترد إمارة
«بالى» الإسلامية من أيديهم، ولكنه وقع صريعًا أمام الأحباش فى
(٨٤٨هـ = ١٤٤٤م) نتيجة لخيانة أحد الأمراء الذين أظهروا التحالف
معه. ومن ثم تمكن الأحباش من اجتياح سلطنة «عَدَل» وبقية الممالك
الزيلعية الأخرى، وأصبحت الحبشة إمبراطورية كبيرة امتدت شمالا
حتى مصوع وسهول السودان وضمت «أوفات» و «فطجار» و «دوارو»
و «بالى» و «هدية»، ومنحت هذه الإمارات استقلالها الذاتى، وولت
عليها عاملاًيسمى «الجراد» ينحدر من البيت المالك القديم.
ويبدو أن الرغبة الصادقة فى الجهاد التى عرف بها الجيل الأول من
سلاطين «أوفات» قد فترت عند أحفادهم سلاطين «عدل»، فقد
سئموا القتال وجنحوا إلى المسالمة ولكن الشعب المسلم لم يتخل عن
سياسته التقليدية فى جهاد الأحباش ومقاومتهم. وكان تخاذل
سلاطين «عدل»، وتحمس الشعب للجهاد مؤذنًا ببداية الدور الأخير من
أدوار الجهاد وهو دور «هرر».
وتميز هذا الدور بظهور طائفة من الأمراء الأئمة أشربت قلوبهم حب
الجهاد وصارت لهم السلطة الفعلية فى البلاد، وبذلك أصبح فى
المجتمع العَدَلى حزبان: هذا الحزب الشعبى الذى يتزعمه الأمراء
الأئمة، وذلك الحزب الذى يريد أن يسالم الأحباش ويتكون من الطبقة
الأرستقراطية والتجار، وعلى رأسه سلاطين عدل التقليديون.
وكان أول هؤلاء الأئمة ظهورًا هو الداعى «عثمان» حاكم زيلع الذى
أعلن الجهاد بعد وفاة السلطان «محمد بن بدلاى» مباشرة عام
(٨٧٦هـ = ١٤٧١م)، ثم ظهر فى «هرر» الإمام «محفوظ» الذى تحدى
السلطان «محمد بن أزهر الدين»، واشتبك مع الأحباش، غير أن
البرتغاليين ظهروا على مسرح الأحداث وفاجئوا «زيلع» وأغاروا
عليها وانتهى الأمر بفشل حركة «محفوظ»، وباغتيال السلطان
«محمد» سنة (٩٢٤هـ = ١٥١٨م).