الأحباش فى كفة الميزان.
وفى هذا الوقت كان الزحف البرتغالى قد وصل إلى البحر الأحمر
فاستنجد بهم الأحباش عام (٩٤٢هـ = ١٥٣٥م) فأرسل إليهم ملك
البرتغال نجدة عسكرية وصلت البلاد عام (٩٤٨هـ = ١٥٤١م)، وتقابل
المجاهدون بقيادة «أحمد القرين» مع الأحباش والبرتغاليين فى عدة
مواقع عام (٩٤٩هـ = ١٥٤٢م)، لكنه هُزم وتكررت هزيمته فى العام
التالى حيث استشهد وتفرقت جموعه، ونجت الحبشة من السقوط، ولم
يعد المسلمون مصدر خطر جدى يهدد الأحباش، ومع ذلك فإن حركة
الجهاد لم تمت بموت «أحمد القرين»، بل استأنفها خلفاؤه من بعده
وخاصة فى عام (٩٦٦هـ = ١٥٥٩م) بقيادة الأمير «نور» الذى اتخذ لقب
أمير المؤمنين، والسلطان الأسمى المسمى «عليَّا» سليل أمراء
«عَدَل» السابقين، لكن هذه الجهود باءت بالفشل.
وكانت انتفاضة «هرر» الأخيرة عام (٩٨٥هـ = ١٥٧٧م) حينما تحالفت
مع أحد ثوار الأحباش للنيل من ملك الحبشة، وحدثت موقعة انتهت
بمقتل «محمد الرابع» آخر أمراء «هرر» عند نهر «ويبى»، وانتهت
هرر كقوة سياسية ذات شأن، فى الوقت الذى استطاع فيه الأحباش
أن يقضوا على خطر الأتراك العثمانيين أيضًا بهزيمتهم وعقد هدنة
معهم عام (٩٩٧هـ - ١٥٨٩م) واكتفى العثمانيون بالسيطرة على
«مصوع» و «سواكن»، وبذلك انتهى الصراع فى الحبشة لصالح
الأحباش.
وإذا كانت هذه الحركة لم تحقق أهدافها بالقضاء على مملكة الحبشة
نهائيا، إلا أنها أثبتت عمق الشعور الإسلامى فى نفوس أهل شرق
إفريقيا وعمق تمسكهم بالإسلام، فقد دأبوا على الجهاد وأصروا
عليه طيلة أربعة قرون، وظهر أثر العلماء والفقهاء وأصبحت لهم
الزعامة فى المجتمع فى ذلك الوقت.
وعلى الرغم من هذه الهزيمة التى منى بها المسلمون فى منطقة
القرن الإفريقى وانصراف اهتمام العثمانيين إلى أوربا والعالم
العربى، فإن المسلمين الزيالعة بقيت لهم بعض سلطناتهم وبلادهم.
ذلك أن الصراع الذى اندلع بينهم وبين الأحباش أنهك الطرفين معًا؛