اعتبرت العاصمة الثقافية لساحل الزنج كله، وزعيمة عرب هذا
الساحل؛ نتيجة لما وصلت إليه من قوة ونفوذ، ولما قامت به من دور
مهم فى نشر العروبة والإسلام.
وعندما وصل الشيرازيون المهاجرون بقيادة «على بن حسن بن
على» إلى «مقديشيو» بعد حوالى سبعين عامًا من بنائها، لم
يستطيعوا دخولها لحصانتها ومنعتها فتركوها واتجهوا جنوبًا إلى
«كلوة»؛ حيث أقاموا هناك سلطنة إسلامية، فكانت هى
و «مقديشيو» أهم مدينتين على الساحل من القرن العاشر إلى الخامس
عشر الميلادى، ولم تستطع إحداهما أن تسيطر على الساحل سيطرة
كاملة.
وعند قدوم «ابن بطوطة» إلى «مقديشيو» كانت تسيطر عليها قبيلة
الأجران الصومالية، وكان سلطانها يسمى «أبا بكر بن الشيخ عمر»،
ويبدو أن سيطرة هذه الأسرة كان أمرًا عارضًا؛ بدليل أن البرتغاليين
عندما قَدِموا إليها كان حكامها من أسرة «المظفر» من «بنى
الحارث» الذين أسسوها من قبل.
ونظرًا لطول مدة حكم هذه الأسرة فقد كانت لها جهود كبيرة فى
تعريب كثير من القبائل الصومالية خاصة الساحلية، التى دخلت فى
الإسلام على أيديهم، ذلك أن هذه القبائل وخاصة قبيلة «الأجران»
كانت تربطها بأسرة «المظفر» الحارثية صلات تجارية كبيرة.
ولاشك أن هذه العلاقات التجارية لابد أن تؤتى ثمارها فى نشر
الإسلام بين هذه القبيلة وغيرها من القبائل الصومالية، التى اتصلت
بسلطنة «مقديشيو» الإسلامية، التى أكثرت من إنشاء المساجد
والجوامع التى لايزال بعضها باقيًا حتى الآن، منها مسجد عليه كتابة
تبين تاريخ تأسيسه وهو سنة (٦٣٧هـ = ١٢٣٩م)، أى قبل مرور «ابن
بطوطة» بها بنحو قرن من الزمان، ولعله «مسجد عبدالعزيز» الذى
بُنى فى «مقديشيو» منذ سبعمائة عام تقريبًا، ولازال موجودًا حتى
الآن.
وقد وصل إلينا كثير من المعلومات عن بلاد الصومال بفضل ما كتبه
عنها الرحالة والجغرافيون العرب، مثل: «المسعودى» و «الإدريسى»