للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراح ينادى بتحريم امتلاك المسلم لشىء من المال فوق حاجة يومه

وليلته، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب

والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}. [التوبة:

٣٤].

ولم يوافق أحد من الصحابة «أبا ذر» فيما نادى به، وكانوا يرون أن

المال إذا جُمع من حلال، وأدى عنه صاحبه حق الله وهو الزكاة: لا

يعتبر كنزًا، ولا تنطبق عليه الآية موضع الاستشهاد، والنبى - صلى

الله عليه وسلم - كان يخزن مؤنة بيوته لمدة سنة إذا كانت الظروف

تسمح بذلك، وتشريع الله للمواريث فى نظام دقيق يقتضى ترك الميت

ثروة تقسم بين ورثته، وكثير من الصحابة كانوا أغنياء على عهد

النبى - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعب النبى - صلى الله عليه وسلم -

ثراءهم، بل يُروى أنه قال: «نعم المال الصالح للمرء الصالح». [مسند

أحمد].

وقد نصح النبى - صلى الله عليه وسلم - «سعد بن أبى وقاص» حين

أراد أن يتصدق بماله كله بقوله: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من

أن تذرهم عالة يتكففون الناس». [صحيح البخارى، كتاب الجنائز].

ولو أن «أبا ذر الغفارى» - رضى الله عنه - احتفظ برأيه لنفسه، لكان

الأمر هينًا، ولكنه أذاعه فى الناس؛ ووجد صداه عند الكسالى والذين

يريدون أن يعيشوا عالة على غيرهم، فألبوا الناس على «عثمان»

وولاته، وكانت تلك الدعوة سببًا من أسباب الفتنة.

وعلى الرغم من اعتزال «أبى ذر» الناس فى الربذة «شرقى المدينة»

امتثالا للخليفة؛ فإن دعوته كانت قد استشرت، وتلقفها «ابن سبأ»

اليهودى وأشعلها بين الناس.

ثانيًا: شارك عدد كبير من أهل «اليمن» ومنطقة «الخليج» فى

الفتوحات الإسلامية، وكان دورهم فى تحقيق النصر لا ينكر، ولكنهم

وجدوا بعد الفتح أن الإمارات والوظائف الرئيسية قد أُسندت إلى

غيرهم وبخاصة أبناء «قريش»، وكبار المهاجرين والأنصار وأبنائهم،

فلم يعجبهم ذلك، ورأوا أنفسهم أحق بالإمارات التى فتحوها

<<  <  ج: ص:  >  >>