للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسيوفهم، مع أنه كان من الضرورى أن يتولى المهاجرون والأنصار

هذه الولايات؛ لأنهم يعرفون الإسلام وشرائعه أكثر، فقدمهم علمهم

وفقههم فى الدين وسابقتهم فى الإسلام، وجهادهم مع رسول الله

- صلى الله عليه وسلم - لا أنسابهم وأحسابهم.

ونتيجة لذلك تكونت جبهة عريضة من أبناء تلك المنطقة معارضة

لسيطرة أبناء المهاجرين والأنصار على الدولة الإسلامية، ولم تكن

شكواهم من الولاة واتهامهم بالظلم حقيقية، بل كانت ذريعة للنيل

منهم، ومن الخليفة «عثمان»، وهدفًا لقلب الدولة وتغيير نظام الحكم

المتهم بالظلم، وهؤلاء كانوا صيدًا سمينًا لابن سبأ فاستغل السخط

الذى ملأ قلوبهم لتحقيق هدفه الشرير.

ثالثًا: عندما بدأت هذه الفتنة كان معظم ولاة الأقاليم من «قريش»، بل

من «بنى أمية» أهل «عثمان»، وأقربائه، مما سهل على «ابن سبأ»

مهمته فى إشعال نار الفتنة، والحق أن هؤلاء الولاة، وهم «معاوية

بن أبى سفيان» والى الشام، و «عبدالله بن سعد بن أبى السرح»

والى «مصر»، و «عبدالله بن عامر» والى «البصرة»، و «الوليد بن

عقبة» والى «الكوفة»، كانوا من خيرة الولاة، وممن أسهموا فى

تثبيت الفتوحات الإسلامية بعد استشهاد «عمر»، وممن مارسوا الحكم

قبل خلافة «عثمان»، بل إن «معاوية بن أبى سفيان» كان واليًا

على الشام من عهد «أبى بكر الصديق». ومن ثم لم يولِّهم «عثمان»

لهوى فى نفسه، أو لأنهم من أقربائه، بل ولاهم لكفايتهم ومقدرتهم

الإدارية.

ومما يؤسف له أن بعض الكتاب الكبار صوَّروا الأمر على غير ما

تقتضيه الحقيقة التاريخية، وكأن «عثمان بن عفان» أتى بهؤلاء

الولاة من قارعة الطريق، وعينهم على الولايات الكبيرة، وحملهم

على رقاب الناس؛ لأنهم أقرباؤه فحسب. ويذهب بعضهم إلى تصوير

أمر استعفاء «عمرو بن العاص» من إمارة «مصر» بناء على طلبه

على أنه عزل من «عثمان» ليعين مكانه أخاه من الرضاعة «عبدالله

بن سعد»، ولا يذكر شيئًا مما يعرضه مؤرخو «مصر» الإسلامية كابن

<<  <  ج: ص:  >  >>