عبد الحكم و «الكندى»، من أن «عبد الله بن سعد» كان واليًا على
صعيد «مصر» من قبل «عمر بن الخطاب»، فلما تولى «عثمان بن
عفان» الخلافة طلب منه «عمرو بن العاص» أن يخصه وحده بإمارة
«مصر» كلها، فرفض «عثمان»، فاعتزل «عمرو» الولاية بناء على
طلبه، ولم يعزله «عثمان بن عفان».
رابعًا: أن من أبناء البلاد المفتوحة وبخاصة بلاد فارس، من لم يسترح
إلى سيادة العرب عليهم، وسيطرتهم على بلادهم، وهم الذين كانوا
بالأمس يحتقرونهم وينظرون إليهم فى استعلاء، فعزَّ على أنفسهم
ذلك، فلم يتركوا فرصة لزعزعة الدولة الإسلامية إلا وانتهزوها، خاصة
من لم يتمكن الإسلام فى قلوبهم منهم، وهؤلاء كان لهم دور فى
إثارة الفتنة على «عثمان»، واستمر حتى آخر العصر الأموى.
خامسًا: أن كل ما تقدم كان يمكن تداركه وعلاجه، بل إن «عثمان» -
رضى الله عنه - حاول إجابة كل مطالب الثائرين عليه والمؤلبين للناس
ضده، لكنهم لم يقتنعوا؛ لأن الخليفة لان معهم وحلُم عليهم أكثر مما
كان ينبغى، ولو أخذهم بالشدة والحزم كما كان يفعل «عمر بن
الخطاب» مع أمثالهم لارتدعوا، ولحُسمت الفتنة.
عبد الله بن سبأ:
هو رجل يهودى من «صنعاء» ادعى الإسلام فى عهد «عثمان»،
وأخذ يبث فى المسلمين أفكارًا غريبة وبعيدة عن الإسلام، مثل قوله
بالوصية أى أن «على بن أبى طالب»، هو وصى النبى - صلى الله
عليه وسلم - وخليفته من بعده، ومعنى ذلك أن الخلفاء الثلاثة، «أبا
بكر» و «عمر» و «عثمان» اغتصبوا حق «على» فى الخلافة.
وبدأ «ابن سبأ» من هذه النقطة، مستغلا كل الأطراف التى سبق
الحديث عنها، ووضع للثائرين والناقمين على اختلاف مشاربهم
وأهدافهم خطة للتحرك ضد الخليفة وولاته، وأشار عليهم بالنيل من
الولاة أولا؛ لما كان يعرف أن «عثمان» نفسه فوق الشبهات، حتى
إذا نجحوا فى تشويه سمعة الولاة، انتقلوا إلى «عثمان» باعتباره
المسئول الأول عنهم، ومما قاله لأتباعه: «إن عثمان أخذها بغير حق،