للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا وصى رسول الله - يقصد عليًّا - فانهضوا فى هذا الأمر

فحركوه، وابدءوا بالطعن فى أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف

والنهى عن المنكر، تستميلوا الناس».

أخذ «ابن سبأ» يتنقل بهذا التدبير الشيطانى بين الأقاليم من

«البصرة» إلى «الكوفة» إلى الشام إلى «مصر»، يبث أفكاره

وسمومه، وكانت خطته بالغة الإحكام، جعلت أتباعه ينجحون فى

زرع الشكوك فى نفوس الصحابة فى «المدينة»، مثل «على بن أبى

طالب»، و «الزبير بن العوام»، و «طلحة بن عبيد الله»، والسيدة

«عائشة» - رضى الله عنها - وهؤلاء كلهم كانت تصلهم معلومات

كاذبة عن ظلم ولاة الأقاليم، لكنهم صدقوها للأسف، ولم يتبينوا

كذبها إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن وقعت الواقعة، وقتل الخليفة

الثالث مظلومًا.

موقف عثمان من الفتنة:

لما سمع «عثمان بن عفان» ما يقال عن ولاة أقاليمه جمع أهل

«المدينة»، وقال لهم: أشيروا على، فأشاروا عليه أن يرسل رجالا

إلى الأقاليم للتحقيق فيما وصله من كلام عنهم، كما كان يفعل «عمر

بن الخطاب»، فاستجاب على الفور، وحدد أربعة من الصحابة من غير

«بنى أمية» - حتى لا يتهمهم أحد بالتحيز للولاة - للقيام بما كلفهم

به، فأرسل «محمد بن مسلمة» إلى «الكوفة»، و «أسامة بن زيد»

إلى «البصرة»، و «عبدالله بن عمر» إلى الشام، و «عمار بن ياسر»

إلى «مصر»، وعاد الثلاثة الأول إلى «المدينة»، وقدموا تقارير

للخليفة بأن الأمور تجرى على خير وجه، وأن الشكاوى التى تصل

إلى «المدينة» كلها باطلة، ولا أساس لها من الصحة؛ وأن الولاة

يقومون بعملهم خير قيام، أما «عمار بن ياسر» فلم يعد من «مصر»،

لأنه لما وصل إليها، تصادف وجود «ابن سبأ» فيها، فاستقطبه

للأسف وضمه إلى صفه، مما جعل الأمر يستفحل ويزداد خطرًا.

وبعد أن تبين بطلان مزاعم أتباع «ابن سبأ»، الذين ألبوا الناس على

«عثمان» - وكلهم عرب مسلمون- لان لهم الخليفة، وعطف عليهم

وحاول استرضاءهم بدلا من عقابهم وأخذهم بالشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>