للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما تهيأ الجو، ورأى زعماء الفتنة أن الفرصة سانحة للتخلص من

الخليفة، خرجوا إلى «المدينة» على رأس وفود أهل «مصر»

و «البصرة» و «الكوفة»، وكانوا نحو عشرة آلاف متظاهرين بالحج،

مخفين نياتهم الخبيثة عن عامة الناس، الذين شكوا إلى الخليفة من

تصرفات لولاتهم لا يرضونها، فوعدهم خيرًا، وأمرهم بالعودة إلى

أمصارهم، فرضوا لما رأوه من سماحته وعطفه، وعادوا. أما زعماء

الفتنة من أمثال: «الأشتر النخعى»، و «عمرو بن الأصم»، و «حرقوص

بن زهير السعدى»، و «الغافقى بن حرب»، فقد ساءهم عودة عامة

الناس الذين لا علم لهم بالمؤامرة، وسُقِطَ فى أيديهم، وعزموا على

قتل الخليفة أو عزله، فتخلفوا فى «المدينة»، وزوَّروا كتابًا، ادعوا

كذبًا أنهم وجدوه مع غلام من غلمان «عثمان»، موجه إلى «عبدالله

بن سعد» والى «مصر» يأمره فيه بقتل بعض الثائرين وتعذيب بعضهم

الآخر.

عاد الثائرون من الطريق بهذا الكتاب، فعرضوه على «على بن أبى

طالب»، فأدرك أنه مزور، لأن الذين ادعوا أنهم وجدوه هم أهل

«مصر»، ولكنهم عندما عادوا عادوا جميعًا، أهل «مصر» و «الكوفة»

و «البصرة»، مع أن طرقهم مختلفة، فعودتهم فى وقت واحد، تدل

على أن الأمر مدبر، فقال لهم على: «كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا

أهل البصرة بما لقى أهل مصر وطريقكم مختلف وقد سرتم على

مراحل؟! هذا والله أمر أبرم بالمدينة».

ولما علموا أن أمرهم قد ظهر، وخطتهم انكشفت، قالوا لعلى:

«ضعوه حيث شئتم - أى الكتاب مصممين على كذبهم - لاحاجة بنا

إلى هذا الرجل، ليعتزلنا»، ولا شك أن هذا تسليم منهم بأن قصة

الكتاب مختلقة، وأن غرضهم الأول والأخير هو خلع أمير المؤمنين أو

سفك دمه، الذى عصمه الله بشريعة الإسلام.

محاصرة بيت الخليفة وقتله:

تشبث الأشرار بهذا الكتاب المزور، ولم يستجيبوا لنصح الصحابة

بالرجوع إلى بلادهم؛ لأن الخليفة لم يرتكب خطأ يستحق عليه العقاب،

فحاصروه فى بيته، ولم تكن هناك قوة تدافع عنه، فقد رفض عرضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>