من «معاوية بن أبى سفيان» بالذهاب معه إلى الشام، وكره أن
يغادر جوار رسول الله كما رفض أن يرسل «معاوية» إليه جندًا من
الشام لحمايته، لأنه كره أن يضيق على أهل مدينة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بجيش يضايقهم فى معاشهم.
ولما رأى «على بن أبى طالب» و «الزبير بن العوام» و «طلحة بن عبيد
الله» وغيرهم الحصار المضروب على بيت الخليفة؛ أرسلوا أبناءهم
لحراسته، لكنه رفض ذلك أيضًا، وأقسم عليهم بما له من حق الطاعة
عليهم أن يذهبوا إلى بيوتهم ويغمدوا سيوفهم، لأنه أدرك أن أبناء
الصحابة وهم عدد قليل، إن تصدوا لهؤلاء الأشرار - وكانوا زهاء
عشرة آلاف - فقد يقتلونهم جميعًا، فآثر سلامتهم وحقن دماءهم،
ولعله كان يفكر أن الثوار إذا قتلوه هو فستنتهى المشكلة، فرأى
أن يضحى بنفسه، حقنًا للدماء، ولم يدر أن دمه الطاهر الذى
سيُسفك، كان مقدمة لبحور من دماء المسلمين، سالت بعد ذلك نتيجة
مقتله.
امتثل أبناء الصحابة لأمره، وعادوا إلى بيوتهم، لكنه طلب منهم ماء
للشرب، بعد أن منعه الثوار عنه، وهو الذى اشترى للمسلمين «بئر
رومة» ووهبها لهم، بناء على طلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم -
الذى بشره بنهر عظيم فى الجنة.
وكانت أم المؤمنين «أم حبيبة بنت أبى سفيان» أول المغيثين
لعثمان، لكنها لم تستطع أن توصل الماء إليه لأن الثوار منعوها،
وأساءوا معها الأدب وسبوها، ولم يراعوا لها حرمة.
فلما فعلوا بأم حبيبة ذلك، ذهب إليهم «على بن أبى طالب» - رضى
الله عنهم - وقال لهم: «إن الذى تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر
الكافرين، لاتقطعوا عن الرجل المادة (الطعام والشراب) فإن الروم
وفارس لتأسر فتطعم وتسقى، وما تعرض لكم هذا الرجل، فبم
تستحلون حصره وقتله؟! قالوا: لا والله ولا نعمة عين - يعنى ولا
قطرة ماء تصله - لا نتركه يأكل ويشرب».
وبعد ذلك اقتحموا على الخليفة داره اقتحامًا، متسلقين من دور