للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجاورة، وقتلوه وهو صائم يقرأ القرآن، وروعوا الأمة الإسلامية فى

إمامها، الذى كانت تستحى منه الملائكة، والذى بشره النبى - صلى

الله عليه وسلم - بالجنة، وتنبأ له بالشهادة، وكان استشهاده فى

أواخر شهر ذى الحجة سنة (٣٥هـ).

قُتِل «عثمان بن عفان» مظلومًا لم يرتكب ذنبًا أو يقترف جرمًا يستحق

به أن يرفع هؤلاء الأشرار أصواتهم عليه ولو كان كل ما رموه به من

تُهم صحيحًا - مع أنه باطل وملفق - ما أباح لهم قتله، ولكنه الحقد

الأسود والأفكار الهدامة، التى زرعها «ابن سبأ» فى نفوسهم

وعقولهم، جعلهم يرون فضائله وإنجازاته تهمًا وجرائم، فاتهموه -مثلا

- بأنه تخلف عن «بيعة الرضوان» فى «الحديبية»، مع أنهم يعلمون

أنه عندئذٍ كان فى «مكة» سفيرًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - يقوم

بمهمة اعتذر عنها «عمر بن الخطاب» لخطورتها، وناب النبى - صلى

الله عليه وسلم - نفسه عن «عثمان» فى البيعة، فكانت بيعة عن

«عثمان» أفضل من بيعة الصحابة لأنفسهم، كما اعتبروا جمعه للقرآن

فى مصحف واحد جريمة، مع أنه أعظم أعماله باعتراف الصحابة

أنفسهم.

وقد وصف «أبو بكر بن العربى» قتلة «عثمان» وصفًا صادقًا، فقال:

«وأمثل ما روى فى قصته - أى عثمان - أنه بالقضاء السابق، تألب

عليه قوم لأحقاد اعتقدوها، ممن طلب أمرًا فلم يصل إليه، أو حسد

حسادة أظهر داءها، وحمله على ذلك قلة دين، وضعف يقين، وإيثار

العاجلة على الآجلة، وإذا نظرت إليهم دلك صريح ذكرهم على دناءة

قلوبهم، وبطلان أمرهم».

وقد لا يصدق بعض الناس أن رجلا واحدًا هو «عبد الله بن سبأ»

يستطيع أن يفسد أمر أمة بكاملها، مهما تبلغ قدراته، بل وصل الأمر

ببعضهم إلى إنكار وجوده أصلا، ولكن الواقع أن «ابن سبأ» كان

موجودًا ووجوده حقيقة، وهو كأى متآمر خبيث يتمتع بقدر كبير من

الدهاء والمكر، مكنه من أن يستميل إلى صفه صحابيين جليلين هما

«أبو ذر الغفارى» و «عمار بن ياسر»، وأن يستغل كل الساخطين من

<<  <  ج: ص:  >  >>