أفدنة، كما انفرد بطرازه الرائع، وليس فى العالم مسجد ولا
كنيسة فى مثل حجمه اللهم إلا قصر «فرساى» بفرنسا. كما جدد
المنصور قنطرة قرطبة على نهر الوادى الكبير، وكان «السمح
بن مالك» قد جددها من قبل وأنفق المنصور على تجديدها فى
سنة (٣٧٨هـ = ٩٨٨م) مائة وأربعين ألف دينار وبنى قنطرة
«أستجة» على نهر «شنيل» أحد فروع نهر الوادى الكبير. وفى
ربيع (٣٩٢هـ =١٠٠٢م) خرج المنصور لآخر مرة، وتوجَّه إلى
قشتالة ومنها اتجه غربًا نحو «برغش» وعاث فى تلك المنطقة،
وتقول المصادر النصرانية إنه تعرض لهزيمة على أيدى ملوك
النصارى متحدين، وإنه اضطر إلى الفرار فى جنح الظلام بعد
موقعة معهم جرت أحداثها بمكان يسمى «قلعة النسور»، وقد
جرح المنصور ثم مات بعد ذلك متأثرًا بجراحه، لكن الباحثين
المحدثين - ومنهم المستشرق الهولندى دوزى - يرفضون هذه
الرواية لأنها تخالف الحقائق التاريخية الثابتة، فهى تتحدث عن
تحالف بين ملوك من النصارى ماتوا قبل هذه الموقعة، أضف
إلى ذلك أن المصادر الإسلامية لاتذكرشيئًا عن تلك الموقعة، مع
أنها لاتخفى هزائم المسلمين، فالصمت قرينة على أنه لم تكن
هناك هزيمة ولاحتى موقعة أصلا. ومهما يكن من أمر فقد سار
المنصور فى حملته هذه محمولا حتى وصل إلى «مدينة سالم»،
وهناك وافاه الأجل فى (٢٧ رمضان ٣٩٢هـ = ١١ أغسطس
١٠٠٢م) بعد حكم دام ٢٧ عامًا.