وليس من الضرورى أن يكون عربيا فضلا عن أن يكون قرشيا.
ولو أنهم حصروا خلافهم مع غيرهم فى جدل وحوار نظرى يقوم على
مقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل لما كان فى الأمر شىء، ولكن
الخطر كل الخطر جاء من لجوئهم إلى العنف واستخدام السيف فى
فرض آرائهم، وقد بدأ مع (على بن أبى طالب) مما جعل خصومهم
يواجهون القوة بالقوة، وتكبَّدت الأمة الإسلامية عشرات الآلاف من
الضحايا من أبنائها نتيجة هذه الخصومة العنيفة.
وظل الخوارج فرقة واحدة، تتبنَّى أفكارًا ومبادئ واحدة حتى وفاة
(يزيد بن معاوية) سنة (٦٤هـ)، ثم بدأ الشقاق والخلاف يدب بينهم هم
أنفسهم، فانقسموا فرقًا وأحزابًا، حتى وصل عددهم إلى ثلاثين
فرقة، ثم تطور تفكيرهم بمرور الزمن، وبدءوا يخوضون فى قضايا
تدخل فى صلب الدين، مثل مباحثهم فى مرتكب الكبيرة هل مؤمن أو
كافر، وغير ذلك من القضايا، وأشهر فرق الخوارج التى ناصبت
الدولة الأموية العداء وشنت عليها الحرب، هى:
الأزارقة:
هم أتباع (نافع بن الأزرق)، أحد زعماء الخوارج الكبار، وهى تعد
أشد فرق الخوارج تطرفًا فى أفكارها السياسية والدينية، فهى
ترى الخروج على الخليفة الذى يخالفها فى آرائها وقتاله، وأتباعها
يتبرءون ممن لا يوافقهم على ذلك، ويَعدُّونهم من القاعدين، ويكفرون
مرتكب الذنوب الكبيرة ويحكمون بخلوده فى النار، مخالفين فى ذلك
صريح القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:} إن الله لا يغفر أن يشرك
به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء {. [النساء: من ٤٨]. ويبيحون دماء
مخالفيهم فى الرأى.
النجدات:
وينسبون إلى (نجدة بن عامر)، وهم أقل تطرفًا من (الأزارقة)؛ لأنهم
لا يقولون بكفر مرتكب الكبائر.
البيهسية:
وينسبون إلى زعيمهم (بيهس)، وهم أقل تطرفًا من (الأزارقة)، ويرون
أن مخالفيهم فى الرأى منافقون، تجرى عليهم أحكام المنافقين،
لكنهم يجيزون حوارهم، والتزاوج معهم، وميراثهم.
الصفرية: