هذه الطائفة ودا بود وتقديرًا بتقدير، وكان كبار التابعين من
الموالى، مثل (الحسن البصرى)، و (محمد بن سيرين)، و (عطاء بن
يسار)، و (عطاء بن أبى رباح)، موضع احترام المجتمع والدولة، وكان
تأثيرهم فى الحركة العلمية عظيمًا.
- الطائفة الثانية: وهى التى أسلمت إسلامًا رقيقًا، ولم تتخلص من
الماضى تمامًا، وظلت تفخر بالأمجاد الفارسية القديمة، وهذه الطائفة
لم ترفض الإسلام دينًا ولكنها رفضت السيادة والحكم العربيين، وظلت
تسعى للقضاء عليهما بدأب شديد، وكانت نواة الحركة الشعوبية
التى نادت بتفضيل الفرس على العرب.
- الطائفة الثالثة: وهى التى أسلمت نفاقًا، لأنها رأت أن السبيل إلى
المال والجاه والسلطان لا يكون إلا بالدخول فى الإسلام، فأعلنت
اعتناقه ولم يدخل الإيمان قلوبها، ولم تدع فرصة للكيد للعرب إلا
انتهزتها، كما دعت إلى الشعوبية والمذاهب الدينية القديمة، وهذه
الطائفة كانت أساسًا لحركة الزندقة.
- الطائفة الرابعة: وهى التى لم تسلم، وبقيت على مجوسيتها بفضل
الحرية التى منحها العرب لأهل بلاد فارس.
والذى نريد أن نخلص إليه أن القول باضطهاد الدولة الأموية للموالى،
وعداء الموالى للدولة كان رد فعل لذلك، هو قول بعيد عن الحقيقة،
فلم تكن هناك سياسة مرسومة للأمويين تعادى الموالى الفرس، وفى
الوقت نفسه لا ننكر أن يكون بعض العرب قد نظر إلى الموالى الفرس
نظرة تعالٍ وتكبر، لكن ذلك لم يكن سياسة دولة، وإنما كان نظرة
البدو الجفاة الذين لم يفهموا الإسلام على وجهه الصحيح.
انتشار الإسلام فى بلاد ماوراء النهر:
فتح (قتيبة بن مسلم الباهلى) بلاد (ماوراء النهر) - آسيا الوسطى-
فى خلال عشر سنوات (٨٦ - ٩٦هـ)، وأقبل كثير من أهالى تلك البلاد
على الدخول فى الإسلام، لما فيه من عدل وسماحة ورحمة، وشجعهم
على ذلك أن معظمهم وثنيون يعبدون الأصنام، وبعضهم يدين بالأديان
التى كانت منتشرة فى بلاد فارس المجاورة لهم، مثل (الزرادشتية)