و (المانوية) و (المزدكية)، وكلها أديان فاسدة، ولم يكن تمسك الناس
بها قويا، ولذا سرعان ما أقلعوا عنها بعد أن قارنوا بينها وبين
الإسلام، فأقبلوا عليه فى حماس شديد.
وعندما دخل (قتيبة بن مسلم) مدينة (سمرقند) سنة (٩٣هـ)، وجد فيها
عددًا كبيرًا من الأصنام، فقرر تحطيمها، فخوَّفه سكانُها من ذلك،
وقالوا له: إن من يقترب منها تهلكه، فلم يبالِ بذلك، وأقسم ليحطمنَّها
بيده، فحطمها وحرقها بالنار، فلما رأى الناس ذلك ولم يحدث لقتيبة
شىء أدركوا أن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر، وأسرعوا إلى اعتناق
الإسلام.
وقد تردَّد صدى هذه الحادثة فى المدن الأخرى، فأسلم من أهلها
أعدادٌ هائلة، حتى إنه لما سار قتيبة لفتح إقليم (الشاش) فيما وراء
نهر (سيحون) سنة (٩٤هـ)، أى بعد سنة واحدة من تحطيمه لأصنام
(سمرقند)، كان جيشه يضم عشرين ألف مسلم من أهل (بخارى).
وحرص الفاتحون المسلمون على دعوة الناس إلى الإسلام بالحكمة
والموعظة الحسنة، والتأثير فيهم بالقدوة الطيبة، وكان (قتيبة بن
مسلم) يُعنَى ببناء المساجد فى المدن والقرى؛ حتى تؤدى فيها
الصلاة، ويقوم الدعاة فيها بتعليم الناس شعائر الإسلام وشرائعه.
غير أن تزايد إقبال الناس على الإسلام جعل الولاة المسلمين أمام
مشكلة مالية، جعلتهم يأخذون الجزية من المسلمين الجدد من أهل
البلاد، مخالفين بذلك قواعد الإسلام التى تقرر أن لا جزية على من
أسلم، ولم يطل هذا الأمر كثيرًا، إذ صحح (عمر بن عبد العزيز) هذا
الإجراء الخاطئ وكتب إلى الولاة موبخًا إياهم على فعلتهم، قائلا
قولته المشهورة: (قبَّح الله رأيكم، إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه
وسلم - هاديًا ولم يبعثه جابيًا).
وكان الخليفة (عمر بن عبد العزيز) معنيا بنشر الإسلام فى تلك
المنطقة، وكتب إلى ملوك بلاد (ما وراء النهر) وأمرائهم ودعاهم إلى
الإسلام، فأسلموا وتسمَّوا بأسماء عربية.
وتتابعت جهود الأمويين لنشر الإسلام فى هذه البلاد بعد (عمر بن