عبدالعزيز)، وبخاصة فى عهد (هشام بن عبدالملك) (١٠٥ - ١٢٥هـ)،
الذى أسند ولاية (خراسان) و (ما وراء النهر) إلى (أشرس بن عبدالله
السلمى)، المسمى بالكامل لصلاحه وتقواه، فما إن استقر فى
(خراسان) حتى شرع فى توجيه الدعاة والفقهاء إلى بلاد (ماوراء
النهر)؛ لدعوة الناس إلى الإسلام.
وقد مضت حركة نشر الإسلام فى بلاد (ما وراء النهر) مطَّردة مزدهرة،
بفضل جهود (صالح بن طريف) وأمثاله من أهل الصلاح والتقوى، وإن
اعترض ذلك بعض المعوقات التى كانت تأتى فى الغالب من بعض
الولاة الذين كانوا يفضلون الجباية على الهداية، مخالفين بذلك قواعد
الإسلام، غير أن هذه السياسة الخاطئة كانت تجد دائمًا من يصححها
ويقومها من الخلفاء والولاة.
وقد استاء المسلمون الجدد من أهل بلاد (ما وراء النهر) من دفع
الجزية، لا لكونها عبئًا ماليا كبيرًا فحسب، بل لإحساسهم بالمهانة من
دفعها وهم مسلمون؛ إذ لاجزية على المسلم، ومن ثم تمسكوا بحقهم
الشرعى الذى كفله لهم الإسلام، فقاوموا الولاة، ومن أجل ذلك
وجدوا استجابة من قمة الدولة لإنصافهم، وتضامنًا من إخوانهم العرب
المسلمين لمساعدتهم على الحصول على حقهم.
وخلاصة القول أن غالبية الناس فى بلاد (ماوراء النهر) تحولت إلى
الإسلام، وأصبحت بلادهم جزءًا عزيزًا من العالم الإسلامى، وأهدت
إلى العالم الإسلامى عددًا لا حصر له من العلماء فى شتى العلوم
الإسلامية، وغدت بعض مدنه مثل (بخارى) و (سمرقند) و (جرجان) من
أكبر المراكز الحضارية فى العالم الإسلامى وأشهرها.
وقد رسخ الإسلام فى تلك المنطقة رسوخًا عميقًا، ظهر أثره فى
ثبات أهلها أمام موجات الغزو العاتية التى تعرضت لها، مثل غزوات
المغول المدمِّرة فى القرن (٧ هـ = ١٣ م)، كما تعرضت لمحنة الحكم
الشيوعى الملحد فى القرن (١٤ هـ = ٢٠ م)، الذى حاول بشتى الطرق
وبأقسى الأساليب الوحشية محو الإسلام، لكنه فشل فشلا ذريعًا