الحضارة الإسلامية وارتقائها وتألقها من وجهين:
- الأول: حثهما على العلم والتعلم والتفكر فى الكون وأسراره،
وتسخيره لمنفعة الإنسان، وعدهما طلب العلم فريضة على كل مسلم،
ودعوتهما إلى رفع شأن العلم والعلماء، والشواهد على ذلك من
كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كثيرة، من ذلك:
قول الله تعالى: {قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما
يتذكر أولو الألباب} [الزمر: من ٩].
وقوله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}.
[المجادلة من١١].
وقوله تعالى فى أول ما نزل من القرآن: {اقرأ باسم ربك الذى خلق
خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذى علَّمَ بالقلم}. [العلق: ١ -
٤].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (طلب العلم فريضة على كل مسلم). [ابن
ماجة].
وقوله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (من سلك طريقًا يطلب به علمًا
سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة). [رواه الحاكم].
- الوجه الآخر: يتمثل فى العلوم الكثيرة التى انبثقت من القرآن
والسنة كالتفسير وعلوم القرآن، والفقه والأصول، والحديث وعلومه،
والمغازى والسير والتاريخ، واللغة العربية وآدابها وغير ذلك.
الدعامة الأخرى:
وهى دعامة لا يُنكَر دورها فى ازدهار الحضارة الإسلامية، وتتمثل
فى التراث الحضارى الهائل، الذى ورثه المسلمون عن الأمم السابقة
فى البلاد التى فتحوها، كتراث الحضارة الإغريقية والفارسية
والهندية والمصرية القديمة.
وكان من حسن الطالع أن ذلك التراث الحضارى كان موجودًا فى
المناطق التى شملتها الدولة الأموية، فحافظت عليه وصانته من
الضياع، وهو ما يحسب للأمويين، فلولا يقظتهم وسعة أفقهم لضاع
من الإنسانية كثير من هذه الكنوز الحضارية، التى أنتجها العقل
البشرى فى القرون السابقة لظهور الإسلام، غير أن الاستفادة
الكاملة جاءت فى العصر العباسى، حيث بدأت ترجمة العلوم والفنون
إلى اللغة العربية، وصُحِّحت أخطاؤها، ثم أضاف إليها المسلمون من