البخارى]. ومن أجَلِّ مواقف «أبى بكر» تصديقه للنبى - صلى الله
عليه وسلم - فى حادث الإسراء، فحين أخبر النبى - صلى الله عليه
وسلم - بذلك أسرعوا إلى «أبى بكر» يخبرونه، ظنا منهم أنه لن
يصدق، فقال لهم: «والله لئن كان قاله لقد صدق، فإنى أصدقه
فى أبعد من هذا، أصدقه فى خبر السماء يأتيه فى ساعة من
ليل أو نهار»، فلُقب بالصديق من يومئذٍ. واختاره النبى - صلى
الله عليه وسلم - -لثقته- به ليرافقه فى رحلة الهجرة دون غيره من
الصحابة، ثم لازم النبى بعد الهجرة فى ليله ونهاره، فلم يتخلف
عن غزوة من غزواته أو مشهد من مشاهده، وكان مجاهدًا
بنفسه وماله حتى وصفه النبى بقوله: «ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد
كافأناه بها، إلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم
القيامة، وما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال أبى بكر». ومما
لاشك فيه أن «أبا بكر الصديق» عند علماء الأمة أفضل المسلمين
مطلقًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودليل ذلك أنه جعله
أميرًا على الحج فى العام التاسع من الهجرة، وأنابه فى الصلاة
عند مرضه - دون غيره -، وكان هذا أقوى مرشح له لتولى
الخلافة بعد وفاة النبى بعد أن بويع «أبو بكر الصديق» البيعة
العامة قام فخطب الناس خطبة قصيرة، وضح لهم فيها منهجه
فى الحكم، فقال بعد أن حمد الله وصلى على نبيه: «أما بعد
أيها الناس فإنى وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت
فأعينونى، وإن أسأت فقومونى، الصدق أمانة، والكذب
خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى أزيح عليه حقه إن شاء
الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا
يدع قوم الجهاد فى سبيل الله إلا ضربهم الله بالذلّ، ولا تشيع
الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت
الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم،
قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله». كان أول القرارات التى اتخذها
«أبو بكر» وأصعبها قراره بإنفاذ جيش «أسامة» إلى «جنوبى