للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أبى بكر الصديق» عند النبى - صلى الله عليه وسلم -، لصفاته

العالية التى سبق أن ذكرنا بعضها، ولدعوة النبى - صلى الله

عليه وسلم - أن يُعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب، وكانت دعوة

ناشئة عن معرفة دقيقة بخصائص الرجل الذى سيكون ثالث ثلاثة

فى الإسلام قدرًا ومنزلة. وعلى أية حال فإن أخلاق «عمر»

وصفاته مهما تكن لم تكن لتبلغ به ما بلغ من المكانة العالية

والقدر الرفيع إلا بإسلامه وبصلته برسول الله - صلى الله عليه

وسلم -، الذى تعهده بالتربية والرعاية، وأفسح لمواهبه أن

تنطلق إلى أفاق عالية، لتؤدى دورها الخلاق لا فى تاريخ

الإسلام فحسب، بل فى تاريخ البشرية، وليكون صاحبها واحدًا

من عظماء الدنيا، وقد وضعه الكاتب الأمريكى «مايكل هارت»

بين الخالدين المائة فى التاريخ الإنسانى كله. ومنذ أن أسلم

«عمر بن الخطاب»، وهو من أكثر الصحابة ملازمة للنبى - صلى

الله عليه وسلم -، حتى إن الصحابة أطلقوا عليه وعلى أبى بكر

الصديق: وزيرَى محمد. واشتهر «عمر» دون غيره من الصحابة

بمواقف كثيرة، كان يناقش النبى - صلى الله عليه وسلم - فيها

ويعترض عليه فى صراحة، مثل: موقفه من أسرى «بدر»،

و «صلح الحديبية» والصلاة على «عبد الله بن أبى بن سلول»

رأس النفاق، ولم يكن النبى - صلى الله عليه وسلم - يضيق بذلك،

بل يسمع برحابة صدر وسعة أفق، ويشجع «عمر» وغيره على

إبداء آرائهم دون خوف أو وجل، يعلمهم بذلك حرية الرأى،

والمشاركة فى صنع القرار. وكثير من تلك الآراء التى عارض

فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - نزل القرآن مؤيدًا لها لفرط

إخلاصه لدينه، وشفافية روحه، وقد عدَّ العلماء نحو عشرين

موقفًا من هذا القبيل منها: تحريم الخمر، وضرب الحجاب على

زوجات النبى - صلى الله عليه وسلم -. وقد وردت أحاديث كثيرة

فى فضل «عمر»، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله

جعل الحق على لسان عمر وقلبه». أراد «الصديق أبو بكر» أن

<<  <  ج: ص:  >  >>