للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ يبث فى المسلمين أفكارًا غريبة وبعيدة عن الإسلام، مثل

قوله بالوصية أى أن «على بن أبى طالب»، هو وصى النبى

- صلى الله عليه وسلم - وخليفته من بعده، ومعنى ذلك أن الخلفاء

الثلاثة، «أبا بكر» و «عمر» و «عثمان» اغتصبوا حق «على» فى

الخلافة. وبدأ «ابن سبأ» من هذه النقطة، مستغلا كل الأطراف

التى سبق الحديث عنها، ووضع للثائرين والناقمين على اختلاف

مشاربهم وأهدافهم خطة للتحرك ضد الخليفة وولاته، وأشار

عليهم بالنيل من الولاة أولا؛ لما كان يعرف أن «عثمان» نفسه

فوق الشبهات، حتى إذا نجحوا فى تشويه سمعة الولاة، انتقلوا

إلى «عثمان» باعتباره المسئول الأول عنهم، ومما قاله

لأتباعه: «إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصى رسول الله -

يقصد عليًّا - فانهضوا فى هذا الأمر فحركوه، وابدءوا بالطعن

فى أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،

تستميلوا الناس». أخذ «ابن سبأ» يتنقل بهذا التدبير الشيطانى

بين الأقاليم من «البصرة» إلى «الكوفة» إلى الشام إلى

«مصر»، يبث أفكاره وسمومه، وكانت خطته بالغة الإحكام،

جعلت أتباعه ينجحون فى زرع الشكوك فى نفوس الصحابة فى

«المدينة»، مثل «على بن أبى طالب»، و «الزبير بن العوام»،

و «طلحة بن عبيد الله»، والسيدة «عائشة» - رضى الله عنها -

وهؤلاء كلهم كانت تصلهم معلومات كاذبة عن ظلم ولاة الأقاليم،

لكنهم صدقوها للأسف، ولم يتبينوا كذبها إلا بعد فوات

الأوان، وبعد أن وقعت الواقعة، وقتل الخليفة الثالث مظلومًا.

موقف عثمان من الفتنة: لما سمع «عثمان بن عفان» ما يقال عن

ولاة أقاليمه جمع أهل «المدينة»، وقال لهم: أشيروا على،

فأشاروا عليه أن يرسل رجالا إلى الأقاليم للتحقيق فيما وصله

من كلام عنهم، كما كان يفعل «عمر بن الخطاب»، فاستجاب

على الفور، وحدد أربعة من الصحابة من غير «بنى أمية» - حتى

لا يتهمهم أحد بالتحيز للولاة - للقيام بما كلفهم به، فأرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>