إن «معاوية بن أبى سفيان» كان واليًا على الشام من عهد
«أبى بكر الصديق». ومن ثم لم يولِّهم «عثمان» لهوى فى نفسه،
أو لأنهم من أقربائه، بل ولاهم لكفايتهم ومقدرتهم الإدارية. ومما
يؤسف له أن بعض الكتاب الكبار صوَّروا الأمر على غير ما
تقتضيه الحقيقة التاريخية، وكأن «عثمان بن عفان» أتى بهؤلاء
الولاة من قارعة الطريق، وعينهم على الولايات الكبيرة، وحملهم
على رقاب الناس؛ لأنهم أقرباؤه فحسب. ويذهب بعضهم إلى
تصوير أمر استعفاء «عمرو بن العاص» من إمارة «مصر» بناء
على طلبه على أنه عزل من «عثمان» ليعين مكانه أخاه من
الرضاعة «عبدالله بن سعد»، ولا يذكر شيئًا مما يعرضه مؤرخو
«مصر» الإسلامية كابن عبدالحكم و «الكندى»، من أن «عبدالله
بن سعد» كان واليًا على صعيد «مصر» من قبل «عمر بن
الخطاب»، فلما تولى «عثمان بن عفان» الخلافة طلب منه «عمرو
بن العاص» أن يخصه وحده بإمارة «مصر» كلها، فرفض
«عثمان»، فاعتزل «عمرو» الولاية بناء على طلبه، ولم يعزله
«عثمان بن عفان». رابعًا: أن من أبناء البلاد المفتوحة وبخاصة
بلاد فارس، من لم يسترح إلى سيادة العرب عليهم، وسيطرتهم
على بلادهم، وهم الذين كانوا بالأمس يحتقرونهم وينظرون إليهم
فى استعلاء، فعزَّ على أنفسهم ذلك، فلم يتركوا فرصة لزعزعة
الدولة الإسلامية إلا وانتهزوها، خاصة من لم يتمكن الإسلام فى
قلوبهم منهم، وهؤلاء كان لهم دور فى إثارة الفتنة على
«عثمان»، واستمر حتى آخر العصر الأموى. خامسًا: أن كل ما
تقدم كان يمكن تداركه وعلاجه، بل إن «عثمان» - رضى الله عنه
- حاول إجابة كل مطالب الثائرين عليه والمؤلبين للناس ضده،
لكنهم لم يقتنعوا؛ لأن الخليفة لان معهم وحلُم عليهم أكثر مما
كان ينبغى، ولو أخذهم بالشدة والحزم كما كان يفعل «عمر بن
الخطاب» مع أمثالهم لارتدعوا، ولحُسمت الفتنة. عبدالله بن سبأ:
هو رجل يهودى من «صنعاء» ادعى الإسلام فى عهد «عثمان»،