الناس؛ ووجد صداه عند الكسالى والذين يريدون أن يعيشوا عالة
على غيرهم، فألبوا الناس على «عثمان» وولاته، وكانت تلك
الدعوة سببًا من أسباب الفتنة. وعلى الرغم من اعتزال «أبى
ذر» الناس فى الربذة «شرقى المدينة» امتثالا للخليفة؛ فإن
دعوته كانت قد استشرت، وتلقفها «ابن سبأ» اليهودى
وأشعلها بين الناس. ثانيًا: شارك عدد كبير من أهل «اليمن»
ومنطقة «الخليج» فى الفتوحات الإسلامية، وكان دورهم فى
تحقيق النصر لا ينكر، ولكنهم وجدوا بعد الفتح أن الإمارات
والوظائف الرئيسية قد أُسندت إلى غيرهم وبخاصة أبناء
«قريش»، وكبار المهاجرين والأنصار وأبنائهم، فلم يعجبهم
ذلك، ورأوا أنفسهم أحق بالإمارات التى فتحوها بسيوفهم، مع
أنه كان من الضرورى أن يتولى المهاجرون والأنصار هذه
الولايات؛ لأنهم يعرفون الإسلام وشرائعه أكثر، فقدمهم علمهم
وفقههم فى الدين وسابقتهم فى الإسلام، وجهادهم مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - لا أنسابهم وأحسابهم. ونتيجة لذلك
تكونت جبهة عريضة من أبناء تلك المنطقة معارضة لسيطرة
أبناء المهاجرين والأنصار على الدولة الإسلامية، ولم تكن
شكواهم من الولاة واتهامهم بالظلم حقيقية، بل كانت ذريعة
للنيل منهم، ومن الخليفة «عثمان»، وهدفًا لقلب الدولة وتغيير
نظام الحكم المتهم بالظلم، وهؤلاء كانوا صيدًا سمينًا لابن سبأ
فاستغل السخط الذى ملأ قلوبهم لتحقيق هدفه الشرير. ثالثًا:
عندما بدأت هذه الفتنة كان معظم ولاة الأقاليم من «قريش»، بل
من «بنى أمية» أهل «عثمان»، وأقربائه، مما سهل على «ابن
سبأ» مهمته فى إشعال نار الفتنة، والحق أن هؤلاء الولاة، وهم
«معاوية بن أبى سفيان» والى الشام، و «عبدالله بن سعد بن
أبى السرح» والى «مصر»، و «عبدالله بن عامر» والى
«البصرة»، و «الوليد بن عقبة» والى «الكوفة»، كانوا من خيرة
الولاة، وممن أسهموا فى تثبيت الفتوحات الإسلامية بعد
استشهاد «عمر»، وممن مارسوا الحكم قبل خلافة «عثمان»، بل