للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدبر، فقال لهم على: «كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل

البصرة بما لقى أهل مصر وطريقكم مختلف وقد سرتم على

مراحل؟! هذا والله أمر أبرم بالمدينة». ولما علموا أن أمرهم قد

ظهر، وخطتهم انكشفت، قالوا لعلى: «ضعوه حيث شئتم - أى

الكتاب مصممين على كذبهم - لاحاجة بنا إلى هذا الرجل،

ليعتزلنا»، ولا شك أن هذا تسليم منهم بأن قصة الكتاب مختلقة،

وأن غرضهم الأول والأخير هو خلع أمير المؤمنين أو سفك دمه،

الذى عصمه الله بشريعة الإسلام. محاصرة بيت الخليفة وقتله:

تشبث الأشرار بهذا الكتاب المزور، ولم يستجيبوا لنصح الصحابة

بالرجوع إلى بلادهم؛ لأن الخليفة لم يرتكب خطأ يستحق عليه

العقاب، فحاصروه فى بيته، ولم تكن هناك قوة تدافع عنه،

فقد رفض عرضًا من «معاوية بن أبى سفيان» بالذهاب معه إلى

الشام، وكره أن يغادر جوار رسول الله كما رفض أن يرسل

«معاوية» إليه جندًا من الشام لحمايته، لأنه كره أن يضيق على

أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيش يضايقهم فى

معاشهم. ولما رأى «على بن أبى طالب» و «الزبير بن العوام»

و «طلحة بن عبيد الله» وغيرهم الحصار المضروب على بيت

الخليفة؛ أرسلوا أبناءهم لحراسته، لكنه رفض ذلك أيضًا،

وأقسم عليهم بما له من حق الطاعة عليهم أن يذهبوا إلى بيوتهم

ويغمدوا سيوفهم، لأنه أدرك أن أبناء الصحابة وهم عدد قليل،

إن تصدوا لهؤلاء الأشرار - وكانوا زهاء عشرة آلاف - فقد

يقتلونهم جميعًا، فآثر سلامتهم وحقن دماءهم، ولعله كان يفكر

أن الثوار إذا قتلوه هو فستنتهى المشكلة، فرأى أن يضحى

بنفسه، حقنًا للدماء، ولم يدر أن دمه الطاهر الذى سيُسفك، كان

مقدمة لبحور من دماء المسلمين، سالت بعد ذلك نتيجة مقتله.

امتثل أبناء الصحابة لأمره، وعادوا إلى بيوتهم، لكنه طلب منهم

ماء للشرب، بعد أن منعه الثوار عنه، وهو الذى اشترى

للمسلمين «بئر رومة» ووهبها لهم، بناء على طلب من الرسول

<<  <  ج: ص:  >  >>