للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - الذى بشره بنهر عظيم فى الجنة. وكانت

أم المؤمنين «أم حبيبة بنت أبى سفيان» أول المغيثين لعثمان،

لكنها لم تستطع أن توصل الماء إليه لأن الثوار منعوها،

وأساءوا معها الأدب وسبوها، ولم يراعوا لها حرمة. فلما فعلوا

بأم حبيبة ذلك، ذهب إليهم «على بن أبى طالب» - رضى الله

عنهم - وقال لهم: «إن الذى تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا

أمر الكافرين، لاتقطعوا عن الرجل المادة (الطعام والشراب) فإن

الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقى، وما تعرض لكم هذا الرجل،

فبم تستحلون حصره وقتله؟! قالوا: لا والله ولا نعمة عين -

يعنى ولا قطرة ماء تصله - لا نتركه يأكل ويشرب». وبعد ذلك

اقتحموا على الخليفة داره اقتحامًا، متسلقين من دور مجاورة،

وقتلوه وهو صائم يقرأ القرآن، وروعوا الأمة الإسلامية فى

إمامها، الذى كانت تستحى منه الملائكة، والذى بشره النبى

- صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وتنبأ له بالشهادة، وكان

استشهاده فى أواخر شهر ذى الحجة سنة (٣٥هـ). قُتِل «عثمان

بن عفان» مظلومًا لم يرتكب ذنبًا أو يقترف جرمًا يستحق به أن

يرفع هؤلاء الأشرار أصواتهم عليه ولو كان كل ما رموه به من

تُهم صحيحًا - مع أنه باطل وملفق - ما أباح لهم قتله، ولكنه

الحقد الأسود والأفكار الهدامة، التى زرعها «ابن سبأ» فى

نفوسهم وعقولهم، جعلهم يرون فضائله وإنجازاته تهمًا وجرائم،

فاتهموه -مثلا - بأنه تخلف عن «بيعة الرضوان» فى «الحديبية»،

مع أنهم يعلمون أنه عندئذٍ كان فى «مكة» سفيرًا للرسول - صلى

الله عليه وسلم - يقوم بمهمة اعتذر عنها «عمر بن الخطاب»

لخطورتها، وناب النبى - صلى الله عليه وسلم - نفسه عن

«عثمان» فى البيعة، فكانت بيعة عن «عثمان» أفضل من بيعة

الصحابة لأنفسهم، كما اعتبروا جمعه للقرآن فى مصحف واحد

جريمة، مع أنه أعظم أعماله باعتراف الصحابة أنفسهم. وقد

وصف «أبو بكر بن العربى» قتلة «عثمان» وصفًا صادقًا، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>