للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعشرين سنة». بعد معركة «الجمل» توجه «على ابن أبى طالب»

بجيش يبلغ عدده نحو مائة ألف إلى «صفين»، واستعد «معاوية»

لمقابلته بجيش يقاربه فى العدد، ودارت بينهما معركة شرسة

فى شهر صفر سنة (٣٧هـ) قُتِل فيها من الجانبين نحو سبعين

ألفًا، خمسة وعشرين ألفًا من جيش «على»، وخمسة وأربعين

ألفًا من جيش «معاوية»، ولما رأى الناس كثرة القتلى من

الجانبين تنادوا يطلبون وقف القتال، فجعل أهل «العراق» (جيش

«على») يصيحون فى أهل الشام (جيش «معاوية») قائلين: من

لثغور «العراق» إن فنى أهل «العراق». ويرد الآخرون: من لثغور

الشام إن فنى أهل الشام. ومن هنا جاءت فكرة التحكيم. رفع

جيش «معاوية» المصاحف للاحتكام إليها، ووقف القتال فورًا،

بدلا من سفك الدماء، وكانت فكرة التحكيم من عند «عمرو بن

العاص»، وقد قبلها الطرفان، وأوقفت الحرب، بعد أن فزع

الناس لكثرة عدد القتلى. أوقفت الحرب، وطلب من «على»

و «معاوية» أن ينيب كل منهما شخصًا يتفاوض باسمه، للفصل

فى القضايا محل الخلاف، فأناب «معاوية» «عمرو بن العاص»،

وأناب «على» «أبا موسى الأشعرى» على كره منه وذلك فى

شهر صفر (٣٧هـ) وكان «على» قد حاول أن ينيب عنه «عبدالله

بن عباس»، لكن أنصاره، وبخاصة من أبناء «اليمن» بزعامة

«الأشعث بن قيس»، رفضوا ذلك بحجة عصبية، وأعلنوها

صراحة، كيف يكون الخلاف بين رجلين من «قريش»، ثم يكون

الحكمان رجلين من «قريش» أيضًا، لقد حسدوا قريشًا على

زعامتها للدولة الإسلامية التى استحقتها بسابقتها فى الإسلام،

لا بنسبها فقط. واتفق على أن يأخذ الطرفان مهلة مدتها ستة

أشهر، تهدأ فيها النفوس، ويجتمع الحكمان للتباحث والوصول

إلى حل، وبعد مفاوضات طويلة وصل الحكمان إلى نتيجة رأياها

أفضل الحلول، وهى عزل «على» -رضى الله عنه- عن الخلافة،

ورد الأمر إلى الأمة تختار من تشاء، أما التصرف العملى فى

إدارة البلاد التى كانت تحت يد كل من الرجلين المتحاربين،

<<  <  ج: ص:  >  >>