و (معمر بن راشد اليمنى) المتوفى سنة (١٥٣هـ)، و (سفيان الثورى)
المتوفى سنة (١٦١هـ)، و (مالك بن أنس) المتوفى سنة (١٧٩هـ)، غير
أن هؤلاء كلهم عدا (ابن شهاب الزهرى) عاشوا صدر حياتهم فى
العصر الأموى وآخرها فى العصر العباسى.
لكن الخطوات الحاسمة فى تدوين الحديث، ووضع المنهج العلمى
الدقيق لتوثيقه، وقبول روايته، وتصنيفه إلى صحيح وحسن
وضعيف، ووضع علومه، وقواعد الجرح والتعديل - أى نقد رجال
السند - كل ذلك جاء فى القرن (٣ هـ = ٩ م)، بظهور أئمة الحديث
كالبخارى و (مسلم)، و (الترمذى)، و (النسائى)، و (أبى داود) وغيرهم،
وذلك فى العصر العباسى.
علم الفقه:
وهو من أجل العلوم الإسلامية، فهو يعرِّف المسلم كيف يعبد ربه، بما
افترضه عليه من صيام وصلاة وزكاة وحج، وينظم معاملات المسلمين
ويقننها فى البيع والشراء والتجارة والزراعة وسائر شئون حياتهم.
ويعد الفقهاء من أكثر علماء الإسلام أثرًا فى حياة المسلمين، لقوله
- صلى الله عليه وسلم -: (من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين). [مسند
الإمام أحمد].
وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعلم الصحابة ويفقههم فى أمور
دينهم، ثم تولَّى بعده الصحابة تلك المهمة، وبخاصة بعد أن اتسعت
الدولة الإسلامية فى عهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، ثم اتسع
نطاق علم الفقه نتيجة لزيادة المشكلات والقضايا التى تحتاج إلى
فتاوى وحلول، وأصبح له علماء متخصصون، لهم قدرة على استنباط
الأحكام الفقهية من الكتاب والسنة، وعلى الاجتهاد لإيجاد أحكام
للقضايا التى لم يرد لها نص فى كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله
عليه وسلم -، لأن النصوص متناهية، فى حين أن المشكلات والقضايا
غير متناهية ومتجددة، ولابد لها من حلول، فالشريعة الإسلامية
صالحة لكل زمان ومكان، ومعنى الصلاحية أن يكون لها حل
للمشكلات وإجابة عن كل الأسئلة، ومن ثم اجتهد الفقهاء فى هذا
الميدان، واختلفت اجتهاداتهم طبقًا لفهمهم الكتاب والسنة؛ ونتيجة